واختلاف المخبرات لا يغير حقيقة الخبر. وأجاب بعض المحققين عن الرد ّ الأوّل بأن عبد الله بن سعيد إنما أراد أن الكلام لا يسمى أمرا ولا نهيا إلا عند وجود المأمور والمنهى، لا أن الكلام لا يتعلق بهما إلا عند وجودهما فإنه أجل ّ من أن يعتقد مثل هذا، والتزم الأستاذ أبو اسحاق رد ّ جميع أقسام الكلام إلى الخبر لينتظم القول بالوحدة، فقال الأمر خبر عن تحتم الفعل، والنهي خبر عن تحتم الترك، وأورد عليه أن خبر الله تعالى صدق والخبر الصدق يتبع المخبر عنه على ما هو به، فاذا أخبر الله تعالى عن تحتم شيء فلا بد وأن تكون صفة التحتم ثابتة له قبل الاخبار، فتحتمه إن كان بنفس هذا الخبر دار وإن كان بغيره تسلسل. قال ابن التلمساني: ويمكن أن يجيب بأن بعض الأخبار يراد بها الانشاء فلا يشترط
وأما أن يكون من غير الله طلبا للأخبار الخ (قوله واختلاف المخبرات) أي المخبر عنها، وهذا جواب عما يقال: الوعد خبر عن الثواب والوعيد خبر عن العقاب فأين الاتحاد (قوله عن الرد ّ الأوّل) هو أن تعقل الكلام أزلا بدون واحد الخ (قوله لا يسمى) أي لا يسمى أنواعه (قوله لا أن الكلام لا يتعلق بهما) أي الأمر والنهي: أي لا أن الكلام لا ينقسم إليهما إلا عند وجودهما فيما لا يزال بل الأقسام موجودة في الأزل والحادث إنما هو مجرد تسميتها (قوله وجودهما) أي المأمور به والمنهي عنه (قوله فإنه) أي ابن سعيد (قوله أجل الخ) أي منزه عن أن يعتقد مثل هذا فلا يقال مقتضى كلامه تفضيله على اعتقاده (قوله لينتظم الخ) أي ليصح القول بوحدة الكلام لأنه اذا ردت جميع أقسامه للخبر صار الكلام قائما مقام متعدد متحد النوع ولا محذور فيه (قوله يتبع المخبر عنه) هو الموضوع (قوله على الخ) أي حال كون المخبر عنه كائنا على حالة هو أي المخبر عنه متلبس بتلك الحالة في الواقع، والمراد بتلك الحالة وصف المحمول، فقولنا محمد رسول الله خبر تابع للمخبر عنه وهو كون سيدنا محمد ثابتة له الرسالة في الواقع وهكذا، والمراد بكون الخبر تابعا لاتصاف المخبر عنه بتلك الصفة أنه يتوقف على ذلك من حيث الوجود فلا يقال مثلا الصلاة متحتمة إلا إذا ثبت لها التحتم قبل ذلك (قوله عن تحتم شيء) أي كالصلاة، والمراد بتحتمها وجوبها (قوله صفة التحتم) الاضافة للبيان (قوله ثابتة له) أي لذلك الشيء (قوله فتحتمه) أي الشيء (قوله ان كان الخ) توضيحه أن الخبر الصدق يتبع اتصاف المخبر عنه بتلك الصفة وهذا يقتضي توقف الخبر على ذلك في الوجود فلا يقال الصلاة متحتمة إلا إذا ثبت التحتم للصلاة قبل ذلك ثم بعد ذلك نقول اتصاف الصلاة بالتحتم لا بد ّ له من شيء يفيده، فاذا كان الذي أفاده هو هذا الخبر المتقدّم لزم أن يكون الخبر متقدّما على ثبوت التحتم وأن ثبوت التحتم متوقف عليه مع أنا قلنا أوّلا أن الخبر متوقف على ثبوت التحتم في نفس الأمر فيلزم الدور وإن كان الذي أفاده غير ذلك الخبر فلا يكون ذلك الغير إلا خبرا لرد ّ الأقسام كلها إلى الخبر فننقل الكلام إلى ذلك الخبر فيكون متوقفا أيضا على ذلك الشيء: أعني اتصاف المخبر عنه بالصفة كاتصاف الصلاة بالتحتم وذلك متوقفغ على خبر آخر ثم ننقل الكلام إليه أيضا ثم كذلك إلى مالا نهاية له فيلزم التسلسل في الأخبار ولا شيء آخر غير الخبر يفيده حتى يرجع إليه لأن الأمر محصور فيه كما هو موضوع المسئلة (قوله أن يجيب) أي الأستاذ عما أورد عليه (قوله بأن بعض الأخبار الخ) فاذا قيل الصلاة