إذ هما في المنع من تعلق القدرة سواء، ويدخل في الممكنات التي تتعلق بها قدرة الله تعالى وارادته الممكنات الصادرة عن الحيوانات بالاختيار فإنها عند أهل السنة صادرة بمحض قدرة الله تعالى وارادته لا تأثير للحيوان في شيء منها. وقد خالفت المعتزلة في ذلك وسيأتي الرد عليهم إن شاء الله تعالى (وقوله: والعلم والكلام بجميع أقسام الحكم العقلي) إنما سوّى بين العلم والكلام في المتعلق لما ذكر الأئمة أن كل عالم بمعلوم فإنه متكلم بمعلومه، ولما كان كل من صفتي الكلام والعلم لا يؤثر في متعلقه لم يمتنع تعلقهما بكل واجب وبكل مستحيل، والضمير في قوله: وهي كل واجب الخ يعود على أقسام الحكم العقلي، وتقسيم الحكم إليها تقسيم الكل إلى أجزائه بدليل إدخاله لفظة كل في الأقسام، ولو كان من تقسيم الكلي إلى جزئياته لقال: وهي الواجب والجائز والمستحيل (وقوله والسمع والبصر والادراك على القول به بكل موجود) يعني أن هذه الصفات الثلاثة في حق الله تعالى تتعلق بكل موجود، وإن كان كل واحد منها في حقنا خاصا ببعض الموجودات فإن ذلك الخصوص عادي لا عقلي. أما البصر فاتفق أهل السنة
أي الذي لم يثبت للشيء لذاته بل بالنظر لشيء أخر، وإن كان هذا الشيء الآخر قديما (قوله إذ هما في المنع من تعلق القدرة سواء) بيان للملازمة، ورد ّ بأنا لا نسلم مساواتهما في المنع لأنه لو كان الوجوب العارض يمنع من تعلق القدرة بما علم وجوده للزم عليه إيجاده بغير موجد وهذا باطل ضرورة بخلاف منع الاستحالة من تعلق القدرة فإنما يلزم عليه بقاء المعدوم على ما هو عليه وهذا غير محال إذ لا ضرر في استمرار عدم المعدوم (قوله الممكنات الصادرة ... الخ) أي كالأفعال الصادرة عن الحيوانات كالإنسان والجمل والحمار (قوله بالاختيار) لا مانع من أن للبهائم اختيارا لأنها تدرك الأشياء ولا مانع من أن هذا الادراك يقال له علم فلا يقال أنها لا اختيار لها لأنها لا علم لها وتعلق الارادة تابع لتعلق العلم والاختيار هو الارادة (قوله وسيأتي) أي في مبحث خلق الأفعال (قوله وقوله) أي المصنف عطف على قوله سابقا، فقولنا فتتعلق الخ ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة (قوله إن كل عالم) أي قديما كان أو حادثا (قوله متكلم بمعلومه) أي يصح أن يتكلم في نفسه بمعلومه (قوله تقسيم الكل إلى أجزائه) هذا إنما يتم إذا أريد بالحكم الهيئة المجتمعة من الأمور (قوله بدليل إدخال لفظة كل في الأقسام) فيه نظر لأن كل إنما تفيد الأفراد وهي محتملة لأن تكون أجزاء أو جزئيات (قوله ولو كان من تقسيم الكلي لقال الخ) أي لأن الحكم العقلي جنس وجزئياته أنواع لا أفراد وبعد هذا فالحق أن هذا تقسيم لمتعلق الحكم وهو المحكوم به إذ هو الذي يتصف بالوجوب والاستحالة والجواز وتقسيم متعلق الحكم لما ذكر من تقسيم الكلي إلى جزئياته لأن الكلي هو المركب ومتعلق الحكم ليس كذلك (قوله تتعلق بكل موجود) فيسمع ذاته وصفاته الوجودية ويسمع سمعه بسمعه ويسمع بصره بسمعه ويبصر بصره وسمعه ببصره (قوله عادي لا عقلي) أي وحينئذ فيجوز في حق الله أن يخرق العادة ويجعل زيدا يبصر الروايح والأصوات ويسمع الذوات والروايح (قوله أما البصر) أي مطلقا سواء كان قديما أو حادثا، وهذا شروع في بيان ما في المسئلة من الخلاف بعد بيان ما هو المختار