المسئلة المشهورة بسواد حلاوة.
(ش) اعلم أن المعتزلة لما ساعدت على أن العالم القادر الحي ّ المريد في الشاهد عالم بعلم وقادر بقدرة ومريد بارادة وحي بحياة، ألزمهم أهل السنة رضي الله تعالى عنهم اعتبار الغائب بالشاهد قالوا: والجمع بين الغائب والشاهد يفتقر إلى جامع وإلا جر ّ إلى التعطيل والتشبيه، وعنوا بالشاهد الحادث وبالغائب القديم. وقيل المراد بالشاهد ما علمناه وبالغائب مالم نعلمه. قالوا والجوامع أربعة جمع بالحقيقة: كقولهم العالم شاهدا
وجودية هل يصح عقلا أن يكون نفس الحلاوة أو لا يصح فمن قال لا يصح قال بإحالة كون الصفة أو الذات عين الصفة الأخرى ودليله أن السواد من حيث أنه سواد يضاد البياض ولا يضاد الحلاوة ومن حيث أنه حلاوة لا يضاد البياض فيلزم أن يكون السواد مضادا للبياض وغير مضاد له وكذا السواد من حيث أنه حلاوة يضاد المرارة ومن حيث أنه سواد لا يضاد المرارة فيلزم مضادة السواد للمرارة وعدم مضادته لها وهو باطل (قوله ساعدت) أي وافقت (قوله عالم بعلم) أي لا بذاته وكذا تقول في الباقي (قوله اعتبار الغائب بالشاهد) أي قياس الغائب على الشاهد، فاذا كانت العالمية في الشاهد لا بد ّ لها من علم زائد على الذات فلتكن كذلك في الغائب إذ لا فرق بين عالمية وعالمية (قوله قالوا) أي أهل السنة، وقيل المعتزلة والأحسن عود الضمير لأهل الفن ّ مطلقا (قوله والجمع) أي في الحكم (قوله وإلا) أي بأن قسنا من غير جامع (قوله جر ّ) أي أدى ذلك القياس (قوله إلى التعطيل) أي نفي الكمالات عن الغائب كما نفيت عن الشاهد فعلم زيد مثلا لا إحاطة له وقدرته لا تأثير لها فلو قيس الغائب على الشاهد في العلم والقدرة بأن قيل علم زيد لا احاطة له وقدرته لا تأثير لها فكذا علم الله وقدرته لأدّى إلى تعطيل الرب عن صفات الكمال لأنه إذا جعل علمه تعالى غير محيط وقدرته غير مؤثرة كان تعطيلا له عن صفات الكمال وكان قياسا بدون جامع (قوله والتشبيه) مثلا لو قيس كلام الرب على كلام العبد الذي بحرف وصوت لأدّى إلى التشبيه الفاسد المؤدّي إلى ثبوت الجسمية وكان قياسا بدون جامع (قوله القديم) أي الذات العلية (قوله ما علمناه) أي بالفعل خرج به ما فوق السماء أو تحت الأرض فهو من الغائب على هذا مع أن الغائب عندهم خاص بالقديم فلذا حكى الشريف الثاني بقيل والأوّل هو الصريح في بيان المقصود من الشاهد والغائب فلذا قدّمه ويحتمل أن معنى قوله ما علمناه: أي ما شأنه أن يتعلق به علمنا وأن لم نعلمه بالفعل فيساوي الأوّل بعد التأويل (قوله قالوا) أي أهل السنة (قوله والجوامع) جمع جامع وهو الأمر الذي يكون سببا في انسحاب حكم المقيس عليه على المقيس فالجامع غير الحكم (قوله جمع بالحقيقة) أي جامع مصوّر بالحقيقة: أي مصوّر بإطلاق اللفظ الدال ّ على الحقيقة التي يندرج تحتها كل من الشاهد والغائب على كل من الشاهد والغائب. بيان ذلك أن تقول الحادث الذي أطلق عليه لفظ عالم قام به العلم والرب يطلق عليه لفظ عالم فيكون قام به علم أيضا بجامع إطلاق اللفظ الدال على الحقيقة على كل. فقد ظهر لك لأن الجامع ليس نفس الحقيقة خلافا لظاهر الشارح (قوله كقولهم) أي كما في قولهم: أي أهل السنة (قوله العالم) أي لفظ العالم شاهدا: أي يطلق في الشاهد