بنفيه لما رآه ملزوما للاتصال بالأجسام: يعني ويدخل في العلم والحق أنه لا يستلزمه. وبالجملة فمجموع ما فيه ثلاثة أقوال وأقربها الوقف كما قدمناه.
(ش) الإشارة بهذا راجعة إلى دليل كونه تعالى سميعا بصيرا وهو كونهما كمالين في حق الحي زائدين على العلم للتفرقة الضرورية بين العلم وبينهما، وهذا المعنى ثابت للإدراك، فيجب ثبوته عند من سلك هذا الطريق العقلي، وقد قدمنا ما في ذلك، ويعنون بالإدراك إدراك الملموسات والمشمومات والمذوقات، فقولي: وبهذا يثبت كونه مدركا عند من أثبته معناه أن دليل الإدراك عند القائلين به أن قالوا: إن الإدراكات المتعلقة بهذه الأشياء زائدة على العلم بها للتفرقة الضرورية بينهما كما سبق قبل في زيادة السمع والبصر على العلم، وإذا كانت زائدة على العلم لا يستغني به عنها وهي كمالات وكل حي فهو قابل لها،
أي السمع (قوله بنفيه) أي انتفائه (قوله لما رآه) أي الإدراك: أي اعتقده (قوله ملزوما للإتصال الخ) أي ملزوما عقلا لللإتصال بالأجسام، فالمشموم لابد في ادراك رائحته من اتصال الهواء المتكيف برائحته إلى الأنف، والمذوق لابد في ادراك طعمه من اتصال الجسم الذائق بالمذوق، والملموس لابد في ادراك كيفيته من اتصال الجسم اللامس بالملموس (قوله يعني) معموله محذوف أي يعني أنه غير زائد (قوله ويدخل) أي الإدراك: أي متعلقه من المشمومات والمذوقات والملموسات، وقوله: في العلم: أي في متعلقه، فكل ما أدرك به على فرض ثبوته، فهو مدرك بالعلم، وحينئذ فيستغنى عنه بالعلم، فتكون صفة الإدراك غير ثابتة. ثم إن المراد بالعلم هنا الكون عالما، وبالإدراك كونه مدركا لأن الكلام في المعنوية (قوله أنه) أي الإدراك (قوله لا يستلزمه) أي لا يستلزم الاتصال، بل الاتصال سبب عادي لا أنه عقلا لا يمكن تخلفه (قوله وأقر بها الوقف) أي أقر بها للصواب. ثم إن هذا يقتضي أن غيره قريب للصواب مع أن قوله أوّلا وبالتحقيق الخ يقتضي أن غيره باطل إذ التحقيق ذكر الشيء على الوجه الحق ّ، وأيضا قوله: كما قدمناه لا يلائم هذا إذ الذي قدمه هو قوله: والتحقيق فيه الوقف ولم يتقدم له أن أقر بها الوقف، فالمناسب والتحقيق منها الوقف كما قدمناه اللهم إلا أن يكون استعمل قوله وأقر بها الوقف بمعنى والتحقيق منها الوقف (قوله وهو كونهما الخ) أي وكل كمال في حق الحي ّ يجب للمولى، فالكبرى محذوفة (قوله للتفرقة الخ) وقيل لزيادتهما على العلم (قوله وهذا المعنى) أي كونهما كمالين الخ (قوله وقد قدّمنا ما في ذلك) أي من البحث بأن ذاته تعالى لم تعرف لنا حتى نحكم عليها بأن السمع والبصر كمالان في حقها وأن ضد ذلك نقص في حقه (قوله ويعنون) أي المثبتون للإدراك المتمسكون بالدليل العقلي (قوله ادراك الملموسات) أي ادراك كيفياتها (قوله والمشمومات) أي وادراك المشمومات: أي إدراك روائحها فهو نوع ثان من مطلق الإدراك وما بعده نوع ثالث (قوله والمذوقات) أي وإدراك المذوقات: أي إدراك طعومها (قوله إن قالوا) أي قولهم فهو في تأويل مصدر خبران ّ (قوله بهذه الأشياء) أي الملموسات والمشمومات والمذوقات (قوله بينهما) أي بين العلم بها وبين ادراكها (قوله به) أي العلم (قوله عنها) أي عن الإدراك المتعلق بهذه الأشياء (قوله وهي) أي الإدراكات المتعلقة بهذه الأشياء كمالات: