فهرس الكتاب
الصفحة 184 من 517

أن عجائب مصنوعاته سبحانه مما لا يحيط بها وصف واصف، ومن جوّز صدور تلك العجائب مع كثرتها وخروجها عن حد ّ الحصر من الجاهل على سبيل الاتفاق كان معاندا للحق جاحدا للضرورة، وسقطت مكالمته لخروجه عن حيز العقلاء، وقول من قال: قد يقع الفعل المحكم من الجاهل مرّة على سبيل الاتفاق ولا يدل، فكذا يجب أن لا يدل إذا وقع مرات: هو نظير قول القاتل: إذا لم يفد خبر الواحد للعلم فلا يفيد خبر الجماعة، وإذا لم يرو قليل الماء فلا يروى كثيره، وإذا لم تنتج المقدمة الواحدة لم تنتج المقدّمتان، والتسوية في ذلك خلاف الحس ّ والعادة والعقل. فإن قيل: ينتفض هذا الدليل بما تتخذه النحل بغير آلة من البيوت المحكمة المسدّسة التي لا يعرف وضع مثلها إلا المهندسون، واختارت خصوصية هذا الشكل لجمعه بين مصلحتين، وهما قربه من شكل الدائرة القريب من شكل النحلة، والأمن معه من فرج تبقى بين الأشكال ضائعة لغير فائدة ومعرفة كون الجمع بين هاتين المصلحتين خاصا بهذا

علما كاملا (قوله أن عجائب مصنوعاته) أي مصنوعاته العجيبة التي احتوى عليها ابن آدم لأن سياق الكلام فيه (قوله ومن جوز الخ) إشارة لدفع مناقشة واردة على الملازمة في الشرطية. وحاصلها لا نسلم هذه الملازمة لم لا يجوز أن يصدر الفعل في غاية الكمال متصفا بما لا يحاط به من أنواع المحاسن من الجاهل على سبيل الاتفاق، وحينئذ فلا يدل الاحكام والاتقان على العلم (قوله وسقطت الخ) المناسب التفريع (قوله وقول من قال الخ) قدح في الملازمة في الشرطية أيضا والفرق بين هذا وبين ما قبله أنه التفت هنا للقياس على شيء دون ما قبله (قوله ولا يدل) أي ولا يدل وقوع ذلك الفعل منه على علمه (قوله فكذا يجب الخ) أي فكذا يجب أن لا يدل على العلم إذا وقع منه مرات لأن الأمور المتماثلة حكمها واحد (قوله الجماعة) أي الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب (قوله خلاف الحس والعادة والعقل) جمع بين هذه الثلاثة لأنها منشأ العلم الحادث فمن أنكر مقتضاها خرج عن طور العقلاء هذا، وقوله خلاف الحس والعادة راجع للأوّلين وهما خبرالجماعة والارواء بمعنى أن العادة جارية بأن خبر الجمع الكثير يفيد العلم والماء الكثير يروي ويجد الإنسان في نفسه العلم والري عند ذلك، فالمراد بالحس الحس الباطني والأخير وهو قوله والعقل راجع للأخير: أعني قوله إذا لم تنتج الخ بناء على القول بأن الربط بين المقدّمتين والنتيجة عقلي كما أن العادة يصلح رجوعها له أيضا بناء على القول بأن الربط بين ما ذكر عادي (قوله فإن قيل الخ) هذه مناقشة في الملازمة إذ محصل الشرطية أنه متى انتفى العلم انتفت دقة الصنعة ومحصل هذا منع الملازمة بأن النحلة انتفى فيها العلم دون دقة الصنعة فقوله ينتفض: أي نقضا تفصيليا لأن هذا منع للشرطية (قوله إلا المهندسون) أي العارفون بعلم الهندسة وهو علم يبحث فيه عن أحوال المقادير، والمهندس لغة المقدّر مجاري القنا حيث تحفر (قوله القريب من شكل النحلة) أي لأن النحلة مستديرة الشكل فيناسبها بيت مستدير الشكل، وإنما عبر بالقرب لأن النحلة ليست دائرة حقيقة لاشتمالها على بعض الطول ولكنها قريبة منها (قوله والأمن معه الخ) هو بالرفع عطف وسبب الأمن المذكور أن الشكل على قدرها وصورته هذا) (قوله ومعرفة الخ) الأولى اسقاط معرفة لأن المستخرج

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام