فهرس الكتاب
الصفحة 182 من 517

عمى القلوب عن كل فائدة ... لأنهم كفروا بالله تقليدا

الثاني ما أضيف من أفعال بعض إلى بعض من أن النار تحرق والطعام يشبع والثوب يستر إلى غير ذلك من ربط المعتادات حتى ظنوها واجبة، وتلك ضلالة تبع الفيلسوفي فيها كثير من عامة المسلمين. قلت: بل وكثير من المتفقهين المشتغلين بما لا يعنيهم من العلوم، وعن مراشدهم عمين، قال: وهم فيها على اعتقادات، فمن قال بطبعها تفعل فلا خلاف في كفره، ومن قال بقوّة جعلها الله فيها كان مبتدعا، وقد اختلف الناس في كفره. قلت: وهذا القسم هو اعتقاد أكثر عامة المتفقهة في زماننا، ومن في معناهم من جهلة المقلدين قال: ومن قال إن الأكل دليل عقلي على الشبع دون أن يكون معتادا كان جاهلا بمعنى الدلالة العقلية، ومن علم أن الله سبحانه وتعالى ربط بعض أفعاله ببعض، وكلما فعل هذا فعل هذا باختياره، وإذا شاء خرق هذه العادة فعل، فهذا هو المؤمن الذي سلم من هذه الآفة بفضل سبحانه وتعالى. ثم ذكر أن النوع الثالث من هذا الصنف ما تقوله المعتزلة ويعتقده أكثر من جهل هذا العلم من المسلمين إن العبد يوجد أفعاله على حسب اختياره بقدرة خلقها الله تعالى له وأمره أن يتصرف بها في غير ما نهاه عنه

الفلاسفة (قوله عمى القلوب الخ) هذا البيت لسيدي عبد الحق الأشبيلي مناسب لقوله ومن تابعه من عامتهم لأنهم هم الذين كفروا بالله تقليدا لرؤسائهم، وأما رؤساؤهم فليسوا مقلدين لأحد وإن كانوا عميا عن الحق أيضا (قوله ما أضيف) أي إضافة ما أضيف لأن المقسم للأنواع الثلاثة الإضافة (قوله من أفعال) بالتنوين بيان لما أضيف، وقوله: بعض إلى بعض بدل من أفعال: أي إضافة بعض الأفعال إلى بعض فقولهم مثلا الأكل مشبع والشرب مر والأكل فعل والشبع فعل وكذلك الشرب والري فقد نسبوا فعلا لفعل لكن جعل الشبع والري من الأفعال على وجه التسمح (قوله من أن النار الخ) هذا بيان للفعل المضاف، ويراد النار من حيث إيقادها والطعام من حيث أكله والثوب من حيث لبسه لأن النار وما بعدها من قبيل الذوات لا الأفعال ثم إن المناسب سلوك التمثيل بأن يقول مثل أن النار الخ لا طريق البيان (قوله ظنوها) أي اعتقدوها (قوله واجبة) أي لازمة عقلا لا تتخلف فيلزم عقلا من الأكل الشبع وهكذا (قوله وتلك) أي اضافة بعض الأفعال إلى بعض (قوله الفيلسوفي) أي بعض الفلاسفة فلا ينافي ما مر ّ من أن الفيلسوفي يضيف الفعل للأفلاك لأن المراد به بعضهم أيضا (قوله من المتفقهين) أي المتكلفين التلبس بالفقه ولا فقه عندهم (قوله بما لا يعنيهم) من العلوم هو علم الحكمة (قوله وعن مراشدهم عمين) المناسب اسقاط الواو لأن عمين حال مفردة وهي لا تقترن بالواو (قوله قال) أي ابن دهاق، وإنما أعاد الشارح أداة الحكاية لفصله بين كلام ابن دهاق بقوله قلت الخ وكذا يقال فيما يأتي (قوله وهم) أي المضيفون بعض الأفعال إلى بعض (قوله فيها) أي تلك الإضافة (قوله على اعتقادات) أي أربع (قوله فمن قال) أي اعتقد (قوله بطبعها) أي ذاتها (قوله وقد اختلف الخ) والمعتمد عدم كفره (قوله عقلي) أي يلزم من وجوده وجود الشبع (قوله دون أن يكون معتادا) أي منظورا فيه للعادة: أي للتلازم العادي (قوله كان جاهلا بمعنى الدلالة العقلية) الإضافة بيانية، وإنما كان جاهلا بها

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام