فهرس الكتاب
الصفحة 180 من 517

ليتحقق اعدامه الثاني، وهو محال باتفاق انتهى. ولو فرض وجود الأوّل بعد عدمه أو عدم الثاني لزم أيضا أن يوجد الثاني بعد عدمه ليعدم الأول ويتسلسل، فلا تحصل الكيفية الثالثة أبدا. ومما يبطل مذهب الفلاسفة القائلين بالتعليل النافين عن الصانع الاختيار والإرادة، أن يقال لهم ما بال الأفلاك وقفت على عدد مخصوص ولم تكن أكثر منه ولا أقل، ولم كانت على تلك المقادير المخصوصة ولم تكن أكبر منها ولا أصغر، وما بال الأعلى منها يتحرك حركة واحدة من الشرق إلى المغرب وباقي الأفلاك حركتين احداهما الحركة اليومية من المشرق إلى المغرب والأخرى حركتها في البروج من المغرب إلى المشرق، وما بال الحركات كلها اختصت بما بين المشرق والمغرب ولم تكن فيما بين الجنوب والشمال مثلا ولم اختص كل واحد من السبعة السيارة بفلكه المخصوص مع جواز أن يكون في غيره ولم اختصت سائر الكواكب الثابتة

(قوله ليتحقق اعدامه الثاني) أي لأجل أن يتحقق اعدام الأوّل للثاني (قوله قلت الخ) غير محتاج إليه، لأن المقصود قد تم ّ بالحكم بالمحالية على وجود الشيء بعد عدمه (قوله ويتسلسل) لأن كيفية الحار تؤثر في كيفية البارد فتعدمها، ثم توجد كيفية البارد فتعدم كيفية الحار، ثم بعد ذلك توجد كيفية الحار وتعدم كيفية البارد وهكذا (قوله فلا تحصل الكيفية الثالثة) أي والمشاهدة حصولها، فتعين أن المؤثر فيها هو الله بالاختيار (قوله ومما يبطل الخ) شروع في الرد ّ على الفلاسفة القائلين بالتعليل بعد الفراغ من الرد ّ على الطبائعيين (قوله بالتعليل) أي بأن واجب الوجود علة مؤثرة في جميع العالم مباشرة بالنسبة للعقل الأوّل وبواسطة فيما عداه (قوله النافلين الخ) وصف موضح (قوله ما بال الأفلاك) أي التسعة: السموات السبع والكرسي ّ والعرش (قوله وقفت على عدد مخصوص الخ) المناسب أن يقول: كانت عددا مخصوصا الخ، لأن ما عبر به لا يناسب إلا نفي الأكثرية (قوله ولم تكن الخ) مفرّع على ما قبله، فالمناسب الفاء (قوله ولم كانت الخ) استفهام عن الكيفية وما مر ّ استفهام عن الكمية (قوله وما بال الأعلى) أي وهو المسمى في لسان أهل الشرع بالعرش، ويسمى في عرفهم بالفلك الأطلس وبفلك الأفلاك لأنه محيط بغيره من الأفلاك ومحرّك لها، وزعموا أن حركة الأفلاك كلها من المشرق للمغرب، وأن حركتها تقطع الدورة، وهي ثلاثمائة وستون درجة في اليوم والليلة، وهو معنى الحركة اليومية بخلاف حركة الكواكب السيارة، فإنها بطيئة، فالقمر يقطع دورة الفلك في كل شهر، والشمس تقطعها في سنة، وزحل في ثلاثين سنة، والمشتري في اثنتي عشرة سنة، وفلك الثوابت، وهو الثامن في ست وثلاثين ألف سنة (قوله حركتها في البروج من المغرب إلى المشرق) فيه شيء، لأن المتحرك في البروج عندهم من المغرب للمشرق هو الشمس والقمر وباقي الكواكب السيارة، فالفلك عندهم كالساقية المتحركة حركة قوية من المشرق للمغرب، والكواكب كالنملة الماشية على تلك الساقية بعكس حركتها. فالفلك هو المتحرك من المشرق للمغرب. وأما الكواكب فحركتها الذاتية من المغرب إلى المشرق، والبروج: جمع برج، وهو عبارة عن ثلاثين جزءا من الفلك لأنه قسم إلى ثلاثمائة وستين جزءا (قوله ولم اختص كل واحد الخ) فالقمر اختص بسماء الدنيا، وعطارد بالثانية، والزهرة بالثالثة، والشمس بالرابعة، والمريخ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام