فهرس الكتاب
الصفحة 16 من 517

لا ينظر ما لم يعلم وجوبه ولا يعلم وجوبه مالم ينظر. وأجيب بأنه مشترك والمشترك ملزم إذ لو وجب عقلا لأفحم أيضا لأن وجوب النظر غير ضروري عندهم لتوقفه على مقدمات تفتقر إلى أنظار دقيقة، والحق أن النظر لا يتوقف على العلم بالوجوب لا عادة ولا شرعا. أما عادة فلأن الله تعالى أجرى عادته وطرد سنته بعدم تواطئ العقلاء على الاعراض عن النظر في عجائب الكائنات وغرائب المصنوعات ومن أعظم ذلك

موقوف على وجوبه، ووجوبه موقوف على العلم بالوجوب، والعلم بالوجوب موقوف على النظر والموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء وتوقف الشيء على نفسه باطل فما أدّى إليه وهو كون وجوب النظر شرعيا باطل، وهذا الدليل حجة لا قدرة للنبي على دفعه وهو معنى افحامه (لا ينظر الخ) فيه حذف، والأصل لا ينظر مالم يجب ولا يجب مالم يعلم وجوبه (قوله وأجيب بأنه) أي هذا الاعتراض بإفحام الرسل (قوله مشترك) أي بيننا وبينكم كما يلزمنا معاشر أهل السنة على قولنا بوجوب النظر شرعا يلزمكم على قولكم بوجوبه عقلا والاعتراض المشترك غير ملزم للخصم إذ لا حجة فيه لإثبات المطلوب بل الكل في ورطة فكأنه قال ما ألزمتمونا به يلزمكم وما هو جوابكم فهو جوابنا (قوله لأفحم أيضا) أي لاستلزم الافحام كما يستلزمه لو وجب شرعا (قوله لأن وجوب الخ) لأنه ليس مستفادا من المشاهدات ولا من المحسوسات ولا من المتواترات ولا من الحدسيات التي هي أقسام العلم الضروري (قوله غير ضروري) لأنه لو كان ضروريا لم يلزمهم ذلك الاعتراض (قوله يفتقر لأنظار دقيقة) أي عندهم، وذلك لأن وجوب النظر عندهم يتوقف على كون النظر يفيد المعرفة، وأن المعرفة واجبة وأن النظر طريق إليها ولا طريق إليها سواه وأن مالا يتم الواجب الا به فهو واجب (قوله والحق الخ) أي والجواب التحقيقي لأنه يحل ما تمسك به الخصم بخلاف الجواب الأول فانه مفيد لإسكات الخصم ولا يثبت مذهب المجيب، وهم أهل السنة. والحل يكون بأمور: إما بإبطال ما حكمت به الشرطية من اللزوم. وإما بإبطال الاستثنائية أو دليلها إذا كان الدليل استثنائيا كما هنا (قوله والحق أن النظر) أي من حيث ذاته ومن حيث حكمه لا يتوقف الخ، فقولنا من حيث ذاته ناظرين فيه لرد قولهم في الدليل النظر موقوف على وجوبه الذي هو المقدمة الأولى وقولنا من حيث حكمه ناظرين فيه لرد المقدمة الثانية: أعني قولهم ولا يجب النظر الا إذا علم وجوبه (قوله أما عادة فلأن الخ) أي فلو كان النظر يتوقف على ثبوت وجوبه على الناظر لم تطرد العادة بل كان لا بنظر الانسان الا إذا ثبت عنده وجوب النظر عليه فجريان العادة بتواطئ العقلاء على النظر من غير أن يقول أحد لا أنظر حتى يثبت عندي وجوبه علي ّ مبطل للمقدّمة الأولى من قولهم النظر موقوف على وجوبه، ثم ان المراد بقوله بعدم تواطئ العقلاء على الاعتراض الخ تواطؤهم على النظر الخ كما علمت فالأوضح اسقاط عدم والاعراض (قوله وطرد سنته) أي طريقته: أي جعلها مطردة دائما. وأما العادة

فتصدق بمرتين (قوله عجائب الكائنات) من اضافة الصفة للموصوف، والكائنات جمع كائنة بمعنى موجودة بعد عدم (قوله وغرائب المصنوعات) عطف تفسير من اضافة الصفة (قوله ومن أعظم ذلك) أي ومن أعظم الأمور

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام