تعلم أن كل ما ثبت قدمه استحال عدمه
(ش) قد بينا قبل أن المختار في البقاء أنه عبارة عن سلب العدم اللاحق للوجود، والدليل على وجوب هذه الصفة له جل وعلا أنه لو قدر لحوق العدم له تعالى عن ذلك علوا كبيرا، لكانت ذاته العلية تقبل الوجود والعدم لفرض اتصافه بهما، ولا تتصف ذاته بصفة حتى تقبلها، لكن قبوله جل وعلا للعدم محال، إذ لو قبله لكان هو والوجود بالنسبة إلى ذاته سيان إذا القبول للذات نفسي ّ لا يختلف، فيلزم افتقار وجوده إلى موجد يرجحه على العدم الجائز، فيكون حادثا كيف وقد ثبت بالبرهان القطعي وجوب قدمه، فبان لك بهذا البرهان أن وجوب القدم يستلزم أبدا وجوب البقاء، وأن تجويز العدم اللاحق يوجب العدم السابق، فخرج لك بهذا البرهان قاعدة كلية، وهي أن كل ما ثبت قدمه استحال عدمه، لأن القدم لا يكون أبدا إلا واجبا للقديم، وهذا البرهان الذي ذكرنا لوجوب البقاء مختصر، وهو مع اختصاره قطعي لا شبهة في شيء من مقدماته، والدليل المشهور بين المتكلمين فيه طول وتقسيم لم يجمع على بطلان جميع أقسامه، وذلك أنهم يقولون لو طرأ العدم على القديم لوجب أن يكون مقتض إذ طر وّأمر لنفسه بغير مقتض لاسيما إن كان مرجوحا كهذا محال ضرورة، والمقتضى
من هذا الدليل المقام على ثبوت البقاء (قوله تعلم الخ) لأن القدم يقتضي وجود البقاء، ووجود البقاء يقتضي نفي العدم اللاحق (قوله أن المختار) أي من الأقوال (قوله في البقاء) أي في تفسيره (قوله عبارة) أي معبر به (قوله لو قدر) أي تقديرا وقوعيا (قوله لفرض اتصافه بهما) المراد الفرض الوقوعي وهذا دليل للشرطية (قوله لكن الخ) حق الاستثنائية أن يقول لكن قبوله تعالى للوجود والعدم محال (قوله سيان) حقه سيين إلا أن يقال مشى على لغة من يلزم المثنى الألف في الأحوال كلها (قوله إذ الخ) علة لقوله سيان (قوله لا يختلف) أي فليس القبول للوجود بأولى من قبول العدم (قوله فيلزم الخ) جعل افتقاره إلى الموجد مرتبا على الاستواء، وفي المتن جعله مرتبا على القبول، فلعل الشارح أشار إلى أن في المتن حذفا (قوله فيكون حادثا) مفرع على قوله فيلزم افتقاره، لكن كونه حادثا محال فبطل المقدم (قوله لأن القدم الخ) علة لقوله أن كل شيء الخ (قوله لوجوب البقاء) أي لإثبات وجوب البقاء (قوله لم يجمع على بطلان جميع أقسامه) بل بعضها أجمع على بطلانه والبعض الآخر لم يجمع على بطلانه، والأوّل هو المشار إليه بقوله وغير المختار الخ، والثاني هو المشار إليه بقوله والمقتضى المختار لا يفعل العدم والصحيح عدم بطلانه، وأن الفاعل يتعلق فعله بالعدم (قوله على القديم) ذاتا كان أو صفة (قوله لوجب الخ) أي لكن التالي باطل فبطل المقدم وهو طروّ العدم على القديم فثبت البقاء (قوله أن يكون له) أي لذلك العدم الطارئ (قوله إذ طرو ّ أمر الخ) هذا دليل على الملازمة في الشرطية، والمراد بالأمر هنا العدم (قوله بغير مقتض) تفسير لقوله لنفسه (قوله إن كان) أي ذلك الأمر الطارئ (قوله مرجوحا) أي لتحقيق سبق ضدّه، وقوله: كهذا: أي العدم فإنه مرجوح لتحقيق سبق ضدّه وهو وجود القديم (قوله والمقتضى الخ) دليل للاستثنائية المحذوفة: أعني قوله لكن طرو ّ العدم على القديم باطل. وحاصل ذلك الدليل