لو كان نفسيا للوجود لما عرى عنه، كيف والجوهر في أوّل أزمنة وجوده لا يتصف بالقدم، وإنما يطرأ عليه بعد ذلك إذا توالت على وجوده الأزمنة، والصفة النفسية لا تكون طارئة، وقيل هو صفة معنى: أي صفة وجودية زائدة على الذات كالعلم والقدرة ونحوهما من صفات المعاني، ورد بأنه يلزم أن يكون هذا القدم الموجود في حقه تعالى قديما لاستحالة اتصافه بالحوادث، ولأنه لا يعقل وجود في الأزل عاريا عن وصف القدم، ويجب أن يكون بقدم موجود زائد على ذلك القدم قائم به وإلا لزم نقض الدليل. ثم ننقل الكلام إلى قدم القدم، فيلزم فيه مثل ما لزم في الأوّل ثم كذلك ويلزم التسلسل
للمفصل، وأراد بالمرجع ما يتحقق فيه القدم: يعني أن القدم يتحقق بالوجود المستمر، وقوله: أزلا احترز به عن البقاء فإنه الوجود المستمر فيما لا يزال على القول بأنه صفة نفسية. ثم إن تفسيره باستمرار الوجود مبني على نفي الأحوال كالمعنوية. وأما على القول بثبوتها فيجب لها القدم، ويفسر على القول بأنه صفة نفسية باستمرار أولا (قوله لو كان نفسيا الخ) أي لكن التالي باطل فبطل المقدم، وقوله: كيف الخ دليل الاستثنائية المحذوفة، وقوله: والصفة النفسية الخ دليل الشرطية (قوله لما عرى) بكسر الراء بمعنى خلا. أما بفتحها فمعناه طرأ (قوله كيف الخ) هذا الرد لا يتم إلا لو كان القائل بأنه صفة نفسية يقول: أنه صفة نفسية لكل موجود قديما كان أو حادثا مع أنه قد خصه بالقديم (قوله لا يتصف بالقدم) أي مطلقا سواء كان بمعنى عدم الأوّلية أو بمعنى تطاول الزمان، وإذا كان الجوهر لا يتصف به، فكيف يكون صفة نفسية لكل موجود (قوله وإنما يطرأ) أي القدم بمعنى تطاول الزمان فقط (قوله وقيل هو) أي القدم (قوله وجودية زائدة على الذات) أي لها تحقق في الخارج غير تحقق الذات بحيث يمكن رؤيتها (قوله قديما) أي متصفا بالكون قديما لا بالكون حادثا لاستحالة الخ، فقوله لاستحالة الخ علة لمحذوف كما علمت (قوله لاستحالة الخ) بيان ذلك أن القدم الذي هو صفة له تعالى لو اتصف بالكون حادثا لكان الكون حادثا صفة للمولى، لأن صفة الصفة صفة والمولى يستحيل اتصافه بالحوادث (قوله ولأنه الخ) عطف على قوله لاستحالة الخ، والضمير للحال والشأن. وحاصله أن الذات في الأزل متصفة بالقدم، فالقدم ثابت في الأزل فهو قديم، فمن لوازمه الكون قديما لا حادثا (قوله ويجب أن يكون الخ) مرتبط بقوله: يلزم أن يكون الخ (قوله زائد على ذلك القدم) أي فاتصاف القدم بالكون قديما فرع عن اتصاف القدم بالقدم، لأن ثبوت الأحوال دليل على ثبوت المعاني (قوله وإلا) أي وإلا يكن القدم متصفا بقدم آخر، وقوله: لزم نقض الدليل: أي الدليل على أن القدم صفة معنى، والمراد بنقضه وجوده بدون مدلوله. وحاصله أن من جعل القدم صفة معنى استدل ّ على ذلك باتصاف المولى بكونه قديما، والكون قديما صفة معنوية معللة بالقدم، فتكون دالة على قيام القدم بذاته كما أن العالمية: أعني كونه عالما تدل ّ على قيام العلم بذاته، فنقول: هذا القدم الموجود في حقه تعالى كما قلت موصوف بكونه قديما كالذات، فيلزم أن يكون قائما به قدم ثان وإلا لزمك نقض دليلك: أي وجود الدليل، وهو المعنوية دون وجود المدلول، وهو المعاني (قوله ثم ننقل الخ) أي ثم إذا اتصف هذا القدم