فهرس الكتاب
الصفحة 148 من 517

المقدم على نفسه، والمقدم على المقدم على الشيء مقدم على ذلك الشيء ضرورة، وكذلك أيضا يجب أن يتأخر عن نفسه بمرتبتين، وهو الذي عنيت بقولي: مسبوقا بها، وذلك لأنه أثر لصانعه فيتأخر عنه وصانعه أثر له فيتأخر عنه، والمؤخر عن المؤخر عن الشيء مؤخر عن ذلك الشيء ضرورة. وبالجملة فاللازم في الدور أن يتقدم حصول الشيء على نفسه بمرتبتين، وأن يتأخر حصوله عن حصول نفسه بمرتبتين، والتقدم والتأخر على ما ذكر متلازمان، ولظهور برهان قدم الصانع وانتفاء الشبهة فيه لم يقل أحد من العقلاء بحدوث صانع العالم (قوله: في تفسير القديم: أي غير مسبوق بعدم) تنبيه منه على أن المختار في القدم أنه صفة سلبية، وقد اختاره المحققون من المتأخرين، وقيل هو صفة نفسية: أي ليس بزائد على الذات ومرجعه إلى الوجود المستمر أزلا، ورد بأنه

الحالة والحيثية، مثلا زيد خلق عمرا وعمرو خلق زيدا، فزيد من حيث كونه خالقا لعمرو متقدم على نفسه من حيث كونه مخلوقا لعمرو، وعمرو من حيث كونه خالقا لزيد متقدم على نفسه من حيث كونه مخلوقا لزيد، فكل منهما متقدم على نفسه بمرتبتين (قوله المقدم) بالجر نعت لصانعه (قوله والمقدم) كزيد في المثال السابق، وقوله: على المقدم هو عمرو، وقوله: على الشيء هو زيد، وقوله: مقدم على ذلك الشيء هو زيد، وحينئذ فيقال زيد مقدم على عمرو باعتبار كونه موجدا له وعمرو مقدم على زيد باعتبار كونه: أي عمرو موجدا له: أي لزيد، وحينئذ فقولهم المقدم الخ يفيد أن زيدا مقدم على زيد وكذا يقال في عمرو. ثم إن التقدم منظور فيه للخالقية، والتأخر منظور فيه للمخلوقية (قوله بمرتبتين) متعلق بيتأخر، فيقال في المثال السابق زيد من حيث كونه مخلوقا لعمرو متأخر عن نفسه من حيث كونه خالقا لعمرو، وعمرو من حيث كونه مخلوقا لزيد متأخر عن نفسه من حيث كونه خالقا لزيد (قوله والمؤخ) كزيد في المثال السابق وقوله: عن المؤخر: هو عمرو، وقوله: عن الشيء هو زيد، وقوله: عن ذلك الشيء هو زيد وحينئذ فيقال زيد متأخر عن عمرو باعتبار كونه مخلوقا له، وعمرو متأخر عن زيد باعتبار كونه مخلوقا لزيد، وحينئذ فقولهم المؤخر الخ يفيد أن زيدا مؤخر عن زيد، وكذا يقال في عمرو (قوله متلازمان) أي فمتى حصل التقدّم على النفس بمرتبتين حصل التأخر عنها بمرتبتين والعكس (قوله لم يقل أحد الخ) لما مر من اتفاقهم على بطلان الدور والتسلسل وعلى احتياج الممكن إلى سبب، والمراد لم يقل أحد بحدوث صانع العالم: أي بدون انتهائه فلا ينافي أن بعض العقلاء قال بحدوث صانع العالم وانتهائه إلى القديم واجب الوجود، ويعلم من قوله: لم يقل الخ أن قوله: سابقا فإن قيل الخ شبهة لم تصدر من أحد وإنما أتى بها استشعارا لورودها (قوله تنبيه منه الخ) كون هذا المعنى هو المختار لا يشير إليه تفسيره، فالأحسن أن يقول: جرى منه على المختارالخ (قوله على أن المختار الخ) أي مع التنبيه على أن المراد القدم بالمعنى الثاني لا الأوّل، وهذا هو المقصود الأهم ّ (قوله وقد الخ) تعليل (قوله أي ليس الخ) أي لا تحقق له خارجا حالة كونه زائدا على الذات فلا ينافي أنه مغاير للذات في المفهوم، وظاهر الشارح أنه عين الذات وليس بمراد لأنه يجب مغايرة الصفة للموصوف (قوله ومرجعه إلى الوجود المستمر) من رجوع المبهم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام