فهرس الكتاب
الصفحة 129 من 517

على الصغرى بأنا لا نسلم أن لذوات العالم صفات زائدة على وجودها حتى يستدّل بحدوثها على حدوث موصوفها، سلمنا وجودها لكن لا نسلم أنها حادثة. قولكم أنها متغيرة من عدم إلى وجود وبالعكس ممنوع، لأنا نقول لا عدم لها أصلا، بل هي دائمة الوجود إما في موصوفها لكن تارة تكمن فيه بظهور حكم ضدها وتارة تظهر بانتفائه. وأما مع الانتقال من محل إلى محل أو من قيام بنفسها إلى القيام بمحل أو بالعكس. والجواب عن الأوّل أن كل عاقل يحس ّ أن في ذاته معاني زائدة عليها كالعلم وأضداده والصوت ونحو ذلك، ولهذا قال بعض أذكياء المتأخرين: في جواب من منع وجود الأعراض نزاعكم لنا وقولكم لا نسلم وجود الأعراض: إما أن تقولوا إن هذا النزاع منكم لنا موجود أو معدوم. فإن قلتم: لا وجود له خرجتم عن طور العقلاء، وسقطت عنا وظيفة جوابكم من وجهين: أحدهما أنكم في عداد من لا عقل له، لأن من لا عقل له هو الذي يقول كلاما ثم يردفه على الفور بقوله ما قلت شيئا، ومن لا عقل له لا يحتاج إلى جوابه. وثانيهما اقراركم بأنكم لم تنازعونا ولا خالفتمونا فقد كفيتمونا مؤنة جوابكم، وإن سلمتم أن نزاعكم لنا وجد منكم، فلا شك أن ذلك النزاع أمر زائد على الذات، وهو الذي نعني بالعرض فقد سلمتم وجود العرض، فإن قالوا نحن ممن يقول بالحال والواسطة بين الوجود والعدم، فنسلم أن للأجرام صفات زائدة عليها، ولا يلزم من زيادتها وجودها لاحتمال أن تكون واسطة بين الوجود والعدم. قلنا المحققون أن الحال محال وأنه لا واسطة بين الوجود والعدم، سلمنا ثبوت الواسطة، فيلزم أن الأجرام تلازم صفات ثابتة وجب لها الحدوث فيلزم حدوثها ضرورة، فقد تم ّ البرهان على حدوث العالم على أكمل وجه بمجرد ثبوت هذه الصفات، وإن لم ينته

الأجرام لا تنفك عن هذا الزائد، وقد تضمنها كلامه قبل التنبيه، والسابع إبطال حوادث لا أوّل لها، وسيأتي في قوله: وتقديرها حوادث الخ (قوله على الصغرى) أي القائلة العالم كله صفاته حادثة (قوله بأنا لا نسلم الخ) أي فليس هناك إلا الأجرام (قوله حادثة) أي موجودة بعد عدم (قوله قولكم) أي في بيان الحدوث (قوله لكن تارة يكمن الخ) فاذا تحرّك الجسم فالسكون لم ينعدم بل استتر، ومعنى استتاره أن حكمه، وهو كون الشخص ساكنا لم يظهر، والظاهر إنما هو حكم ضده وهو كون الشخص متحركا، والكمون في الأصل الاستتار، وهو ظاهر في الأجسام لا الأعراض، فمعناه هنا ما أشار إليه الشارح بقوله بظهور الخ، فالباء للتصوير (قوله يحس ّ) يقال حسست بفتح العين وأحسست بمعنى (قوله وأضداده) كالجهل والظن ّ والشك، فالإنسان يجد من نفسه العلم بالمسألة الفلانية والجهل بكذا وأنه ظان لها أو شاك فيها (قوله والصوت) فيجد من نفسه أن الصوت قائم به (قوله ونحو ذلك) يغني عنه الكاف (قوله خرجتم عن طور العقلاء) أي صفاتهم: أي صرتم غير متصفين بها (قولكم أنكم في عداد الخ) أي أنكم تعدون من أفراد من لا عقل لهم (قوله وثانيهما الخ) لا داعي له بعد أن بنى ما تقدّم على عدم العقل (قوله وهو) أي الأمر الزائد (قوله والواسطة) عطف تفسير ... (قوله بين الوجود والعدم) أي بين الموجود والمعدوم (قوله وجودها) أي في الخارج (قوله قلنا الخ) لهم الجري على خلافه (قوله الحدوث) أي الثبوت بعد عدم (قوله العالم) أي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام