فهرس الكتاب
الصفحة 114 من 517

على خلاف ما هو عليه، والطبيعة والعلة يستحيل أن يخصصا مثلا على مثل (قوله: فتعلم قطعا أن لصانعك اختيارا) ادّعى دعوتين على الترتيب الأولى أن، صانع ذاتك فاعل مختار، واحتج عليها ببرهان من الشكل الأول حذف فيه الكبرى للعلم بها، وتقريره أن تقول ذاتك قد اختصت بجائز بدلا عن جائز باعتبار مجموعها وباعتبار أجزائها، وكل ما كان كذلك ففاعله مختار لفعله، فينتج ذاتك فاعلها مختار لفعلها، ودليل الصغرى ظاهر، فإن مجموع الذات قد اختص ببعض المقادير من كونه ذا طول مخصوص وعرض مخصوص، والطول أكثر من العرض مثلا مع جواز أن يكون على خلاف ذلك والأشكال الهندسية كلها في حقه جائزة لا رجحان لبعضها على بعض باعتبار ذاته، وكذا أيضا قد اختص ببعض الأعراض من الألوان والأصوات ونحوها دون بعض وأما باعتبار أجزائها فقد اختص بعضها

(قوله على خلاف الخ) أي على خلاف الحالة التي هو عليها كأن يقوم بالعين الشم وبالأنف البصر، وهذا لا يسلمه الخصم لكون ما عليه المطبوع واجبا عنده وغيره ممتنع وما قاله الشارح فرع الجواز، فالنطفة عند الخصم ذات أجزاء متعددة مختلفة وكل جزء قام به أمر أوجب له صدور ما نشأ عنه (قوله والطبيعة الخ) تعليل لمحذوف: أي وفاعل ذلك لا يكون إلا مختارا لا النطفة بالطبع ولا بالتعليل لأن الطبيعة والعلة يستحيل أن يخصص مثلا عن مثل، وحينئذ فلا تكون النطفة مؤثرة في الزائد بالطبع ولا بالتعليل (قوله ادعى دعوتين) أشار للأولى منهما بقوله: فتعلم أن لصانعك اختيارا، وللثانية بقوله: على أن النطفة التي نشأت عنها الخ (قوله على الترتيب) أي ثانيتهما مرتبة على الأولى منهما (قوله ذاتك) أي الزائد على النطفة (قوله قد اختصت الخ) كاختصاصها بالطول المخصوص بدلا عن غيره (قوله باعتبار مجموعها الخ) فهي باعتبار مجموعها: أي الهيئة الاجتماعية من الزائد قد اختصت بجائز بدلا عن جائز من كونها ذات مقدار مخصوص ووصف وزمان ومكان كذلك دون مقابل ذلك، وباعتبار أجزائها: أي الذات بمعنى الزائد لأن الزائد في حد ذاته له أجزاء فاذا اعتبرتها مجتمعة كانت هيئة اجتماعية، وإن اعتبرتها منفردة كانت أجزاء لذلك الزائد قد اختصت بجائز بدلا عن مقابله من اختصاص كل جزء منها بما اختص ّ به من سمع وبصر وشم وذوق وغير ذلك (قوله ذاتك) أراد بها الزائد على النطفة (قوله والطول) أي ومن كون الطول (قوله مع جواز الخ) بأن يكون العرض أكثر من الطول، والجواز المذكور لا يسلمه الخصم (قوله والأشكال الخ) أي وإنما حكمنا بجواز أن يكون على خلاف ما هو عليه لأن الأشكال الخ جمع شكل: الهيئة الحاصلة من إحاطة الحد ّ أو الحدود بالجسم ككونه دائرة أو مثلثا أو مربعا فكل جسم قابل لأن يتشكل بكل من هذه الأشكال بدلا عن مقابله فلا يختص ببعضها إلا بمخصص مختار، وهذا لا يسلمه الخصم: أعني الطبائعي القائل أن النطفة تؤثر في الزائد بطبعها لأنه يقول بوجود ما تقتضيه الطبيعة فغيره ممتنع فلا يتم القول بأن ذاتك اختصت بجائز عن جائز (قوله باعتبار ذاته) أي ذات الزائد على النطفة (قوله قد اختص) أي مجموع الذات (قوله وأما باعتبار أجزائها الخ) مقابل أمّا محذوف: أي أما باعتبار مجموع الذات فقد علم مما سبق، وأما باعتبار أجزائها: أي الذات بمعنى الزائد على النطفة الخ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام