فهرس الكتاب
الصفحة 225 من 239

قدر وجاه أَوْ مداراة، والمداراة هنا بمعنى المداهنة، أَوْ المداراة المذمومة.

فالمداراة نوعان:

· مداراة ممدوحة: وهي أن تداري الشخص بما لا تقع في باطل.

· وأما المدارة المذمومة: فبمعنى المداهنة.

قال - رحمه الله: (وَالآيَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [1] ، فَلَمْ يَعْذُرُ اللَّهُ مِنْ هَؤُلاَءِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ مَعَ كَوْنِ قَلْبِهِ مُطْمَئِنًّا بِالإِيمَانِ، وَأمَّا غَيْرُ هَذا فَقَدْ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِه، سَوَاءً فَعَلَهُ خَوْفاً، أَوْ طَمَعاً، أَوْ مُدَارَاةً لأَحَدٍ، أَوْ مَشَحَّةً بِوَطَنِهِ، أَوْ أَهْلِهِ، أَوْ عَشِيرَتِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَزْحِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِن اَلأغْرَاضِ إلاَّ الْمُكْرَهَ. فَالآيَةُ تَدُلُّ عَلَى هَذَا مِنْ جِهَتَيْنِ: الأُولَى: قَوْلُهُ: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} ، فَلَمْ يَسْتَثْنِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ. وَمَعْلُومٌ أنَّ الإنْسَانَ لاَ يكْرَهُ إِلا عَلَى الْعَمَلِ، وَالْكَلاَمِ، وَالْفِعْلِ، لاَ عَقِيدَةِ الْقَلْبِ، فَلاَ يُكْرَهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [2] ، فَصَرَّحَ أنَّ الْعَذَاب لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ الاعْتِقَادِ، وَالْجَهْلِ، وَالْبُغْضِ لِلدِّيْنِ، أَوْ مَحَبَّةَ الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا سَبَبُهُ أَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ حَظًّا مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا، فآثَرَهُ عَلَى الدِّينِ

(1) سورة النحل الآية] 106[.

(2) سورة النحل [107] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام