ولا يغفره الله أبداً؟
فإن ادَّعَيْتَ أن القرآن أجْهَلَ تَعْرِيفه، أَوْ أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أجهل تَعْرِيفه؛ فقد كَذبْتَ على الله - عز وجل - وكَذبْتَ على رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ إِذْ لا يُعْقَل أن الشيء الذي حذر منه الله - عز وجل - وحذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجعله الله - سبحانه وتعالى - أعظم ذنب، لا يُعْقَل أن الوحي قد سكت عنه ولم يُبَيِّنْهُ ولم يُعَرِّفْهُ وقد بَيَّنَ ما هو دونه، وعَرَّفَ ما هو دُونه.
فإن كان عالماً لزمته الْحُجَّة، وقامت عليه الْمَحَجَّة؛ لأنه عرف الشرك تعريفاً صائباً، ومِنْه الالتجاء إِلى الصالحين، فكيف ينفي عن نفسه الشرك؟؛ وقد أدخل الالتجاء في الشرك!
ذلك هو الشيء الأول، والجملة السابقة فيها إشارة إِلَيْهِ وتقرير له.
قال المصنف - يرحمه الله: (فَإِنْ قَالَ: الشِّرْكُ عِباَدَةُ الأَصْناَمِ، وَنَحْنُ لاَ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ. فَقُلْ لَهُ: مَا مَعْنى عِبَادَةِ الأَصْناَمِ؟ أتَظُنُّ أنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أنَّ تِلْكَ الأَحْجَارَ وَالأَخْشَابَ تَخْلُقُ، وَتَرْزُقُ، وَتُدَبِّرُ أَمْر مَنْ دَعَاهَا؟ فَهَذَا يُكَذِّبُهُ الْقُرْآَنُ. فَإِنْ قَالَ: إِنَّهُمْ يَقْصُدُونَ خَشَبَةً، أَوْ حَجَرًا، أَوْ بَنِيَّةً عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، يَدْعُونَ ذَلِكَ، وَيَذْبَحُونَ لَهُ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ يُقَرِّبُنَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، وَيَدْفَعُ عَنَا اللَّهُ بِبَرَكَتِهِ، وُيعْطِينَا بِبَرَكَتِه. فَقُلْ: صَدَقْتَ ... وَهَذَا هُوَ فِعْلُكُمْ عِنْدَ الأَحْجَارِ، وَالْبِنَا الَّذِي عَلَى الْقُبُورِ وَغَيْرِهَا. فَهَذَا أقَرَّ أَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ)
في هذه الجملة ذكر لجواب يَتَعَلَّق به ذلك الْمُبْطِل الذي سئل السؤال السابق وتفنيد له. أما الجواب فحكاه المصنف - يرحمه الله