ويستغيثون بالأولياء أحياءً وأمواتاً، وهذا هو عين الشِّرْك، وهي عبادة وإن سموها شفاعة ليكون لفظاً يتناوله حق ويتناوله باطل، فَإِذَا نوقشوا جعلوه مع الوجه الحق، وإنما هم على الوجه الباطل.
كذلك الوسيلة، يقول: نحن نتوسل بهؤلاء، والتَّوَسُّل له وجه جائز، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يُتَوَسَّل به في حياته لا بذاته وإنما بدعائه واستغفاره - صلى الله عليه وسلم - في حياته. وكذلك الرجل الصالح قد يُتَوَسَّل بدعائه كما توسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعمِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغيثهم الله فكان [1] . فالتَّوَسُّل هنا بالدعاء: أن يدعوا اللَّهَ لهم، حَيْثُ إن التَّوَسُّل من الوسيلة وهو الطلب، أَيْ: تَطْلُب منه أن يدعو الله لك.
والمقصود أن لفظة التَّوَسُّل ولفظة الشفاعة من الألفاظ التي تأتي على معنىً حق، وتأتي على معنىً باطل، فهؤلاء يستعملونها إِذَا نوقشوا فيأتون بالنصوص التي تثبت المعنى الحق؛ ليستدلوا على صحة فعلهم، وهم يخالفون ذلك تماماً لأن فعلهم على غير ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
قال - يرحمه الله: (وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّبَهَ الثَّلاَثَ هِيَ أكْبَرُ مَا عِنْدَهُمْ. فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ اللَّهَ وَضَّحَهَا في كِتَابِهِ، وَفَهِمْتَهَا فَهْمَاَ جيِّدًا فَمَا بَعْدَهَا أيْسَرُ مِنْهَا)
هذه الجملة أراد بها المصنف - يرحمه الله - أن يقرر أمرين:
(1) رواه البخاري وهذا نصه: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ) .