فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 222

السنة في اللغة العربية: هي الطريقة، محمودة كانت أم مذمومة، وهي مأخوذة من السنن وهي الطريق [1] . ومنه الحديث"من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" [2] .

قال القاضي عياض: (وقوله: لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم. بفتح السين والنون، رويناه هنا، أي طريقهم. وسنن الطريق: نهجه. ويقال: سُننه -بضمهما- وسَنُنه -بفتح السين وضم النون- جمع سنة وهي الطريقة أيضا) [3] ا. هـ.

ويقول ابن الأثير: (وقد تكرّر في الحديث ذكر(السنة) وما تصرف منها، والأصل فيها الطريقة والسيرة) [4] ا. هـ.

وأما السّنة في الاصطلاح الشرعي: فهي عند المحدثين (ما أُثر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة خِلقية، أو خُلقية أو سيرة، سواء كان قبل البعثة أو بعدها، وهي بهذا ترادف الحديث عند بعضهم) [5] .

وعند الأصوليين (ما جاء منقولاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، على الخصوص مما لم ينص عليه في الكتاب العزيز، بل إنما نص عليه من جهته، عليه الصلاة والسلام، وكان بيانا لما في الكتاب أولاً) [6] .

وهي عند الفقهاء (ما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من غير افتراض ولا وجوب) [7] .

وبعد افتراق الفرق، ونشوء البدع، وتشعب الأهواء، صار لفظ السنة حين يقال: فلان من أهل السنة، أو فلان متبع للسنة، يطلق على ما يقابل البدعة. (فيقال: فلان على سنة، إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي، صلى الله عليه وسلم،) [8] . وعلى كل ما دل عليه دليل شرعي، سواء كان ذلك في الكتاب العزيز أو عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أو أجتهد فيه الصحابة -رضي الله عنهم- كجمع المصحف، وحمل الناس على القراءة بحرف واحد، وتدوين الدواوين [9] .

(ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم: السنة عبارة عما سلم من الشبهات في الاعتقادات، خاصة في مسائل الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر، وفضائل الصحابة. وصنفوا في هذا العلم تصانيف وسموها(كتب السنة) ، وإنما خصوا هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم، والمخالف فيه على شفا هلكة) [10] .

أي أن مصطلح السنة، وإن اشتهر عند المتأخرين باختصاصه بجانب العقائد، لعظم شأنها وخطورة المخالفة فيها، فإن اللفظ إذا أطلق دل على طريقة النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه -رضي الله عنهم- علماً وعملاً وخلقًا وسلوكًا وأدبًا، إلى كل ما يشمل نواحي الحياة المختلفة. يقول ابن رجب: (وعن سفيان الثوري، قال:(استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء) . ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة: طريقة النبي، صلى الله عليه وسلم، التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات. ولهذا كان الفضيل بن عياض يقول: (أهل السنة: من عرف ما يدخل في بطنه من حلال) . وذلك لأن أكل الحلال من أعظم خصال السنة التي كان عليها النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم) [11] ا. ه.

(1) لسان العرب -مادة (سنن) .

(2) رواه مسلم.

(3) مشارق الأنوار ج2 ص223.

(4) النهاية ج2 ص409.

(5) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للسباعي ص47.

(6) الموافقات للشاطبي ج4 ص47.

(7) إرشاد الفحول للشوكاني ص31.

(8) الموافقات ج4 ص4.

(9) السنة للسباعي ص48.

(10) ابن رجب.

(11) ابن رجب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام