فهرس الكتاب
الصفحة 4 من 517

في غير تمطط، بعيد ما بين المنكبين، رحب الصدر، تخاله بدينا ً وهو ليس ببدين، إذا مشى في طريق يمشي مشيا ً سجّحا ً في غير تكلف، جانحا نحو اليمين بعنقه تواضعا ً لا يكاد يلتفت يمنة أو يسرة إلا بمقدار، تعلوه المهابة والوقار.

…صفاته الخُلُقية

كان رحمه الله وديعا ً في غير لين، حليما في غير تكلف، موطأ الأكناف، تنطق أسارير وجهه بما تنطوي عليه نفسه، كيّسا ً حازما، لا يعرف للمطل سبيلا، طيب القلب طاهر النفس راضيا ً قانعا ً سمحا ً لا يغل يده عمن يقصده في قليل أو كثير، نيَّف على السبعين وليس له من دهره عدو أو خصيم، بل شمله رضاء الصغير والكبير (ورضاء الخلق غاية قل ّ أن تدرك)

…نبوغه

كان المترجّم له من القلائل الذين شهد لهم الزمان بالنبوغ والعبقرية، إذ وعى من علوم الدين: حديث الرسول الكريم دراية ورواية، وانكشف له من أسرار التنزيل ما لم ينكشف لغيره، فكان آية عصره في: التفسير، وفقه الامام مالك، والأصول والتوحيد.

وحجة أهل زمانه في: النحو، والصرف، وعلوم البلاغة، والوضع، والاشتقاق، ولم يثنه ذلك عن التضلع في العلوم العقلية كالمنطق والرياضيات، فكان أستاذا ً ماهرا ً في: الحساب، والجبر، والهندسة، والطبيعة، والنجوم، وما يتصل بذلك من: علم تقويم البلدان وغيره.

…تجلت تلك العبقرية والمواهب اللدنية في دروسه وتآليفه، واتخذت سبيلها إلى الأرواح عن طريقي الالقاء والتحرير، فكثر عدد تلاميذه كما تنوعت وتعددت مؤلفاته فكان فارس الحلبتين، والمهيمن على ناصية الحال في الميدانين.

…الشيوخ الذين تلقوا العلم عنه

كان رحمه الله الأستاذ الأكبر لمن صاروا سادة العلماء كالفهامة المدقق الأستاذ الجليل الشيخ دسوقي عبد الله العربي من هيئة كبار العلماء بالأزهر، والورع الكامل السيد محمد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام