بناحية (الكرنك) إحدى ضواحي مدينة الاقصر ذات الآثار الخالدة في صعيد مصر، ولما شب ّ وترعرع في أحضان الكرامة، تفيأ ظلال أرواح المعارف سنة 1253 هـ بمنفلوط حيث يقيم شقيقه البكرى - الحاج حسَّان موسى عثمان كبير المعسكر بها - فرعاه حق الرعاية، ولحظه بعين العناية، رغبة منه في تحقيق رؤيا رآها للأستاذ صاحب الترجمة، فاستبشر بها خيرا ً، وعمل على تنفيذ رغبته، وسرعان ما أينعت ثمار غرسه، ودان قطافها، إذ أحسن الأستاذ - طيب الله ثراه - القراءة والكتابة، وأتم ّ حفظ القرآن الشريف في ربيعين.
بدء تلقيه العلوم بالأزهر الشريف
وشاءت عناية القدير أن ترفعه إلى مصاف ّ علماء الإسلام العاملين فيسرت له الالتحاق بالأزهر الشريف في سنة 1255 هـ بنقل أخيه الحاج حسان إلى قلعة القاهرة، فاصطحبه معه ليتم تحقيق رؤياه، فكان ما رأى وتمنى، واغترف الأستاذ من بحار العلم ريَّا شهيا سما به إلى فلك الحكمة ومناط الأبرار، بهدّى أعلام ذلك العصر الذين كانوا يشار إليهم بالبنان، كالولى التقى الشيخ محمد الاسماعيلي، والشهاب المنير الشيخ محمد عليش، وإمام المحققين الشيخ إبراهيم السقا، وشيخ الإسلام والمسلمين الشيخ إبراهيم الباجوري، وغيرهم من شموس ذلك الزمان.
اجازته بالتدريس
ولما آنس منه العلماء رشدا، ورأوا منه علما وفضلا، التفوا حوله في يوم مشهود، وناقشوه فيما وعاه من منقول ومعقول، فبذ ّ الأمثال، وحاز قصب السبق في الميدان، ولم يسعهم بعد أن رأوا بحر علمه يتدفق زاخرا بألوان الفصاحة والبلاغة، إلا أن أجازوه بالتدريس على أرائك الأزهر، وهو لم يبلغ العشرين ربيعا ً، فكان رحمه الله أحد الخمسة الطلاب الذين اختارتهم مشيخة الأزهر للتدريس نزولا على إرادة وليّ الأمر ساكن الجنان [عباس باشا الأول] ، وصدر إذنه الكريم باعتماد هذا الاختيار في سنة 1264 هـ.
صفاته الخلّقية
كان الأستاذ رحمه الله، أبلج الوجه يضيء في غير شقرة، عريض الجبين، تنبو جبهته عن ذكاء وفطنة، مستدير الوجه يشرق بشرا، كث اللحية رِسلها، مستوى القامة، طويل