من هذه الأقوال القول بأن أوّل واجب النظر لتكرر الحث على النظر في الكتاب والسنة حتى كأنه مقصد بخلاف ما قبله من الوسائل، فإنما أخذ من قاعدة أن الأمر بالشيء أمر بما يتوقف عليه من فعل المكلف، وفي تلك القاعدة نزاع. ثم هذا النظر كاف في معرفته تعالى وإن كان بغير معلم خلافا للإسماعيلية، نعم حصوله بغير معلم عسير في غاية العسر. وقالت المعتزلة: أوّل واجب الشك وهو فاسد. أما على أصلنا فلأن الشك مطلوب بالشرع زواله، فكيف يطلب حصوله -أفي الله شك - وأما على أصلهم فلأن الشك كفر، وهو قبيح عندهم لعينه
أن لكل ّ قول وجها (قوله لتكرر الحث الخ) أي وذلك يوجب الاعتناء به، واختياره على غيره. ثم إن النظر الذي وقع الحث عليه كتابا وسنة بمعنى حركة النفس في العقليات لا نفس القياس الذي هو المطلوب، فلا يتم ّ ما قاله الشارح من تعليل الاختبار إلا أن يقال المطلوب النظر بمعنى القياس قوة أو فعلا ومن حرك نفسه في العقليات يوجد عنده قياس بالقوة فثم ّ ما قاله الشارح (قوله حتى كانه مقصد) قد يقال أن المعرفة مقصد حقيقة، فالأولى اختيار القول بأنها أوّل واجب (قوله بخلاف ما قبله) أي النظر بتمامه من الوسائل الصادق ذلك جزء من النظر وبالتوجه إليه ولا يبين ما قبل النظر بالأقوال لأنها بعده (قوله أخذ الخ) أي أخذ وجوبه، وأما المقصد وهو المعرفة فوجوبه من النص (قوله من قاعدة الخ) إضافة قاعدة للبيان، وقوله: إن الأمر بكسر الهمزة إن جعلت إن ّ من جملة القاعدة وإلا فبالفتح، والقاعدة الأمر الخ بدون أن (قوله بالشيء) أي المقصد كالصلاة (قوله بما) أي الوسائل التي يتوقف: أي المقصد فالصلة أو الصفة جرت على غير من هي له، فالأولى الابراز بأن يقول يتوقف هو ... (قوله من فعل المكلف) خرج نحو الزوال من كل ما يتوقف عليه المأمور به، ولكن ليس مقدورا للمكلف، فليس واجبا بوجوب الأمر بالمطلوب قصدا، بل ولا بوجوب غيره (قوله نزاع) حاصله أن ما يتوقف عليه الواجب هل هو واجب بوجوب ذلك: أي أن الأمر المتعلق بالمقصود بالوسيلة أو أنه واجب بوجوب غيره: أي أن المقصود تعلق به أمر، وكذا الوسيلة المقدورة للمكلف تعلق بتحصيلها أمر آخر (قوله ثم) للترتيب الذكرى (قوله خلافا للإسماعيلية) فرقة ضالة أثبتت الإمامة لإسماعيل بن جعفر الصادق وقالت: النظر لا يكفي في المعرفة إلا إذا كان من معلم معصوم للأمن من الخطأ، وما دام الزمان موجودا فلا بدّ من وجود معصوم فنفتش عليه حتى نجده ونطلب منه أن يعلمنا النظر، والعصمة عندهم ليست خاصة بالأنبياء والملائكة، هذا وظاهر كلام الشارح أنهم يقولون بكفاءة مطلق معلم، وليس كذلك كما علمت، بل لابد من كونه معصوما (قوله في غاية العسر) لأن المعلم محتاج إليه في الإرشاد للمقدمات وفي بيان كيفية النظر (قوله شك) أي التردد لأنه موقع في الحيرة الحاملة على النظر الموصل للمعرفة (قوله أما الخ) أي أما بيان فساده على قاعدتنا من أن الحسن ما
حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع (قوله فكيف يطلب حصوله الخ) أي فلا يصح طلب حصوله لأنه ليس في الله شك فلا يكون الشك مطلوبا، فالاستفهام في الموضعين انكاري بمعنى النفي، والثاني علة للأوّل (قوله وأما الخ) أي وأما بيان فساده على أصلهم من أن العقل محسن ومقبح (قوله وهو قبيح عندهم لعينه) أي ذاته وحيث كان قبيحا