فإن أي تنسك بفعل أو قول يقصد به التقرب يسمى عبادة، وقد سماه اللّه - عز وجل - أيضا عبادة وسمى بعض الكفار عباداً كما في قوله - سبحانه وتعالى - {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} [1] ، مع أنه - سبحانه وتعالى - أثبت أنهم كفار ولكن سماهم عباداً بمعنى المتذللين المسخرين له - سبحانه وتعالى - الذين لا يخرجون عن أمره القدري - سبحانه وتعالى -.
ثم إن الناس آنَذَاكَ جعلوا بعض المخلوقين وسائط بينهم وبين اللّه، وحقيقة الشِّرْك كما يقول ابن القيم - يرحمه اللّه - في كتابه الموسوم بـ: [الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي] : (هو تشَبُّهٌ وتشْبيهٌ) .
وبيانه:
أن الشِّرْك في حقيقته يرجع إِلى أمرين:
أما الأول:
فَتَشَبُّه، وهو تشبُّه المخلوق بالخالق فيما هو من خصوصيات الخالق، فعندما تشبه بعض الخلق بالخالق أغووا بعض الخلق عن منهج الله فوقعوا في الشِّرْك.
أما الثاني:
فهو تَشْبيه الخالق بالمخلوق، فشبهوا (مناة) بالمنان، و (عزى) بالعزيز، ونحو ذلك.
(1) سورة الفرقان الآية (17) .