فهرس الكتاب
الصفحة 33 من 239

وللمسألة طرفٌ ذُكِرَ في[شرح كتاب

التَّوْحِيد] [1] والمقصود هنا أن غلو قوم نوح في صَالِحِي زمانهم إنما

(1) وهذا مقتبس من [شرح كتاب التوحيد] المسمى بـ [إفادة المستفيد] : (( قال المصنف رحمه الله: وقوله تعالى {يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم} هذه الآية جاءت في موضعين من كتاب الله، والمعنى كما يقول ابن كثير في [تفسيره] :(إن الله ينهى أهل الكتاب عن الغلو والإطراء، وهذا كثير في النصارى فإنهم تجاوزوا حَدّ التصديق بعيسى حتى رفعوه فوق المنْزلة التي أعطاه الله إياها، فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلهاً من دون الله، يعبدونه كما يعبدونه) ، وظاهر الآية أنها تتعلق بأهل الكتاب من يهود ونصارى، إذ الخطاب لهم؛ ولكن فيه تحذير لهذه الأمة أن يفعلوا كفعل أولئك، من غلو النصارى مع عيسى، واليهود مع العزير، حَيْثُ استفاضت النصوص بالنهي عن مشابهتهم، سواءٌ أكان في غلوٍ أم جفاء؛ في إفراطٍ أم تفريط. ... قوله: قوله تعالى {وقالوا لا تذرن آلهتكم .. } الآية؛ قال البغوي في [تفسيره] : (وقالوا) لهم (لا تذرن آلهتكم) أي: لا تتركوا عبادتها. (لا تذرن وُداً) قرأ أهل المدينة بضم الواو، والباقون بفتحها. (ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) هذه أسماء آلهتهم). قوله [هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح] أي: أنهم كانوا أهل دين وفضل، مع كونهم من قوم نوح، فهم في زمن متقارب. ... . قوله [فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم] الإيحاء هو الإعلام الخفي السريع، قاله الحافظ ابن حجر. و (قومهم) هم أتباعهم المحبون لهم، والذين أصيبوا بموتهم. قوله [أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم] ... ، ويُبَيِّن المراد هنا رواية ابن جرير في (تفسيره) عن ابن قيس، وسبقت، وفيها (فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صَوَّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوَّروهم) . ... . وقد أخرج لهم الشيطان هذه الحيلة في قالب المحبة والتعظيم، لعدم قدرته عليهم إلا بهذه الدرجة. قوله [ولم تعبد] أَيْ: لم تقع عبادة تلك الصور في زمن هؤلاء الذين أوحى إليهم الشيطان، وذلك لقرب عهدهم بمعرفة الهالكين، ومعرفتهم لعلة وضع الأنصاب. قوله [حتى إذا هلك أولئك] أَيْ: هلك الذين أوحى الشيطان إليهم، ووضعوا الأنصاب للتقوِّي على العبادة. قوله [ونُسي العلم] نُسِي ـ بالبناء للمجهول ـ من النسيان، ... . قوله [عُبِدت] وفي رواية أنهم قالوا (ما عَظَّم أوّلُنا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله) أَيْ: يرجون شفاعة أولئك الصالحين الذين نصبت أنصابهم، فهذا هو السبب في عبادة الصالحين المنصوبة صورهم. وفي خبر ابن عباس رضي الله عنهما دلالة واضحة على أن سبب كفر قوم نوح هو الغلو في أولئك الصالحين، من قِبَلِ الذين جعلوهم شفعاء لهم عند الله. ... . و (الأمد) هو الزمن، أَيْ: طال عليهم الزمن وامْتَد، بحيث نسوا ما قصده الأولون من تصوير أولئك الصالحين، وأن سبب عبادتهم هو ما جرى من التعظيم بالعكوف على قبورهم من قِبَل الأولين )). انتهى بتصرف.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام