فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 239

إناء وضع فيه ماء: (قد غلا فيه الماء) إِذَا طغى وارتفع وتجاوز حد الإناء ونهايته، فكذلك يقال في الأمور المعنوية من أفعال وصفات سواء أكانت حميدة أم ذميمة.

أما المعنى الشرعي:

فقد كشف عنه شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه اللّه - كما في [المجموع] حَيْثُ قال (الغلو هو مُجَاوَزَة الْحَدّ بذم أَوْ حمد فوق ما يستحق أَوْ نحو ذلك) فشيخ الإسلام - يرحمه اللّه - جعل الغلو مُتَعَلِّقاً بالحمد تارة وبالذم أخرى، فَإذَا تجاوز الشخص بِالشَّيْءِ حَدَّه فهذا هو الغلو سواء أكان بحمد ومدح أم كان بذم وقدح، فكل ذلك من جنس الغلو الذي لا يجوز، والمصنف - يرحمه اللّه - ذكر أن نَوْحًا - عليه السلام - أرسله اللّه إِلى قومه لما غلوا في الصالحين، وغلو قوم نوح - عليه السلام - في الصالحين جاء ذلك في [صحيح البخاري] في كتاب التفسير عن عطاء عَنِ ابْنِ عباس - رَضِي الله عنهما - أنه قال (لقد كان في نوحٍ كذا من الأوثان - وهى لا تزال في العرب بعدُ - ثم ذكر وَدّاً وسُوَاعاً ونَسْراً ويَغُوثَ ويَعُوقَ وأنها أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نوحٍ، وأنهم كانوا متبوعين في قومهم فلما ماتوا قالوا انْصِبُوا صورهم في مَجَالِسِهِم حتى تتذكروا عبادتهم وما كانوا عليه من صلاح، ثم بعد ذلك خَلَفَهم خَلْفٌ اندرس العلم الأول عند الأولين وهى أنهم علّقوا صور القوم لأجل متابعتهم في صلاحهم وعبادتهم فجعلوا لهم التماثيل ثم عكفوا على قبورهم) [1] ،

(1) وهذا نص الحديث في صحيح البخاري: ( ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهمَا صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لآلِ ذِي الْكَلاعِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمِ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام