قال - رحمه الله: (فَإِنْ عَمِلَ بِالتَّوْحِيدِ عَمَلاً ظَاهِراً - وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ، وَلاَ يَعْتَقِدُ بِقَلْبِهِ - فَهُوَ مَنَافِقٌ، وَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْكَافِرِ الْخَالِصِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [1] . وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ تَبِينُ لَكَ إِذَا تَأَمَّلْتَهَا فِي أَلْسِنَةِ النَّاسِ: تَرَى مَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَيَتْرُكُ الْعَمَلَ؛ لِخَوْفِ نَقْصِ دنيَاهُ، أَوْ جَاهِهِ، أَوْ مُلْكِهِ. وَتَرَى مَنْ يَعْمَل بِهِ ظَاهِرًا لاَ بَاطِناً، فَإِذَا سَألْتَهُ عَمَّا يَعْتَقِدُهُ بِقَلْبِهِ إِذَا هُوَ لاَ يَعْرِفُه)
هذه الجملة ذكر فيها المصنف - يرحمه الله - القسم المغاير للقسم الأول:
أما القسم الأول:
فأناس قد أظهروا التوحيد في أشياء كثيرة، ولكنهم لم ينقادوا في أشياء، فوقع الكفر.
وأما الثاني:
فأناس الإقرار غير موجود في أنفسهم، ولكن الجوارح الظاهرة موجودة من النطق بـ (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ) والصلاة وما إِلى ذلك، فهؤلاء هم المنافقون وهم أشر من الكافر الخالص؛ لأن الكافر الخالص معلوم إنكاره، وبائن ما هو فيه من بطلان؛ خلافاً للمنافق فإنه يظهر أنه من المسلمين وهو في الحقيقة ليس منهم.
وفي قوله: (وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ)
(1) سورة النساء [145] .