لأنه جحد كفرناه، ولم تنفعه (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ) .
فيقال: أنتم قلتم ذلك فيما تعدُّونه عندكم من فروع الديانة؛ إِذْ إن الصلاة في باب الفروع والفقه، فكيف لا تقولون ذلك في باب أصول الديانة الذي هو التوحيد والاعتقاد؟ إن ذلك مُلْزِم لكم أن تقولوه أَيْضاً في باب الاعتقاد لمن أوقع كفراً، فإن (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ) لا تنفعه.
قال - رحمه الله تعالى: (وَلكِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ مَا فَهِمُوا مَعْنَى الأَحَادِيثِ: فَأَمَّا حَدِيثُ أُسَامَةَ - رضي الله عنه - فَإِنَّهُ قَتَلَ رَجُلاً ادَّعَى الإِسْلاَمَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ مَا ادَّعَاهُ إِلاَّ خَوْفَا عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ. وَالرَّجُلُ إِذَا أَظْهَرَ الإِسْلاَمَ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُ حَتَى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي ذَلِكَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [1] ، أَيْ تَثَبَّتُوا. فَالآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أنَّهُ يَجِبُ الْكَفُّ عَنْهُ، وَالتَّثَبُّتُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ الإِسْلاَمَ قُتِلَ لِقَوْلِهِ {فَتَبَيَّنُوا} ، وَلَوْ كَانَ لاَ يُقْتَلُ إِذَا قَالَهَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّثَبُّتِ مَعْنًى)
هذه الجملة ذكر فيها المصنف - يرحمه الله - سبب قول خصومه ما قالوه وأنكروا عليه وهو: جهلهم بمدلول ما استدلوا به من أحاديث من كون (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ) تنفع صاحبها، وإن أظهر كفراً
(1) سورة النساء الآية] 94 [.