فهرس الكتاب
الصفحة 192 من 239

وحقيقة هذا الجواب هو ما وقع من بعض الصحابة حدثاء العهد بالإيمان لما رأوا أهل الشرك عندهم ذَات أَنْوَاطٍ - أَيْ: شجرة ذات علائق يعلق بها السلاح تبركاً - فسألوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم شجرة ذات علائق يُعَلِّقون بها سلاحهم تبركاً، فذكر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن هناك تشابهاً بين هذه القولة وبين قولة بني إسرائيل لموسى {اجْعَل لَنَا إِلَهًا} ، ووجه التشابه هو أن الجميع طلب أن يجعل له ما يألهه ويعبده من دون الله، وإن اختلف اللفظان فالمعنى واحد، والحقيقة واحدة.

وقصة ذَات أَنْوَاطٍ أخرجها الإمام أحمد وكذا غيره [1] ، وصححها غير واحد ومنهم الحافظ ابن حجر وكذا جماعة.

قال المصنف - يرحمه الله:(وَلَكِنْ لِلمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ يُدْلُونَ بِهَا عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمُ يَقُولُونَ:

إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يكْفُرُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَألُوا النَبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ ذَاتَ أَنْوَاطٍ)

هذه الشُّبْهَة حقيقتها أن بني إسرائيل أتباع موسى لما قالوا قولتهم السابقة {اجْعَل لَنَا إِلَهًا} [2] لم يكفروا ولم يقل أحد بأنهم قد ارتدّوا،

(1) روى أحمد بسنده ( ... عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُنَيْنٍ قَالَ: وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ قَالَ: فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى:(اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً).

(2) سورة الأعراف [138] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام