فهرس الكتاب
الصفحة 156 من 239

قال المصنف - يرحمه الله: (فَإِنْ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَكْفُرُوا بِدُعَاءِ الْمَلاَئِكَةِ، وَالأَنْبِيَاءِ وَإِنَّمَا كَفَرُوا لَمَّا قَالُوا: الْمَلاَئكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَقُلْ إِنَّ عَبْدَ الْقَادِرِ، وَلاَ غَيْرَهُ ابنُ اللَّهِ. فَالْجَوَابُ: أنً نِسْبَةَ الْوَلَدِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - كُفْرٌ مُسْتَقِلٌ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [1] ، وَالأَحَدُ: الَّذِي لا نَظِيرَ لَهُ. والصَّمَدُ: الْمَقْصُودُ فِي الْحَوَائِجِ. فَمَنْ جَحَدَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ وَلَوْ لَمْ يَجْحَدْ آخِرَ السُّورَةِ. ثُم قَالَ تَعَالَى {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [2] ، فَمَنْ جَحَدَ هَذَا فقَدْ كَفَرَ وَلَوْ لَمْ يَجْحَدْ أَوَّلَ السُّورَةِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [3] ، فَفَرَّقَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ، وَجَعَلَ كُلاً مِنْهُمَا كُفْراً مُسْتَقِلاً. وَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [4] ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُفْرَيْنِ. . وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا - أَيْضاً - أنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِدُعَاءِ اللاتِّ - مَعَ كَوْنِهِ رَجُلاً صَالِحاً - لَمْ يَجْعَلُوهُ ابْنَ اللَّهِ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِعِبَادَةِ الْجِنِّ لَمْ يَجْعَلُوهُمْ كَذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ - أَيْضاً - وَجَمِيعُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ يَذْكُرُونَ فِي بَابِ(حكْمِ الْمُرْتَدِّ) أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا زَعَمَ أنَّ لِلَّهِ وَلَدًا فَهُوَ مُرْتَدّ، وِإِنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَهُوَ مُرْتَدٌ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ.

(1) سورة الإخلاص [1 - 2] .

(2) سورة الإخلاص [3] .

(3) سورة المؤمنون الآية] 91[.

(4) سورة الأنعام]100 [.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام