قال المصنف - يرحمه الله: (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانهُ - مِنْ حِكْمَتِهِ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً بِهَذَا التَوْحِيدِ إِلاَّ جَعلَ لَهُ أعْدَاءً كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [1] . وَقَدْ يكُونُ لأَعْدَاءِ التَّوْحِيدِ عُلُومٌ كَثِيرَةٌ وَحُجَجٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [2]
هذه الجملة من قول المصنف - يرحمه الله - تحوي مسائل:
أولها:
أنَّ الله - عز وجل - من حكمته أن جعل هناك عداءً بين الحق والباطل، وحكمة الله هنا هي حكمة قدرية، لها آثارها الشرعية، فصراع الحق مع الباطل قديم مستمر إِلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ثم إن هذا الصراع له آثاره الحسنة على الحق وأهله، وقد أشار ابن تيمية كما في [مجموع الفتاوي] إِلى شيء من آثار ذلك وهو:
· أن الحق يزداد بياناً وجلاءً ووضوحاً بمعرفة الباطل وشُبَه أهله.
· ومن ذلك أن الحق إِذَا قام له قائم بالباطل يدافعه فإن ذلك يولد قيام أهل الحق نصرة له، ومدافعة عنه، وإمحاقاً للباطل، فتزداد الدلائل، وتنكشف المسائل.
وقد ذكر ابن القيم - يرحمه الله - هذا الأثر الثاني في[الصواعق
(1) سورة الأنعام الآية]112[.
(2) سورة غافر الآية]83 [.