قال المصنف - يرحمه الله:
(إِذَا عَرَفْتَ مَا قُلْتُ لَكَ مَعْرِفَةَ قَلْبٍ، وَعَرَفْتَ الشِّرْكَ بِاللَّهِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [1] ، وَعَرَفْتَ دِينَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِه الرُّسُلَ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، الَّذِي لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أحَدٍ سِوَاهُ، وَعَرَفْتَ مَا أصْبَحَ غَالِبَ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِهَذَا أَفَادَكَ فَائِدَتَيْنِ:
الأُولَى: الْفَرَحُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [2] .
وَأَفَادَكَ أَيْضاً: الْخَوْفَ الْعَظِيمَ فَإِنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ أَنَّ الإِنْسَانَ يكْفُرُ بِكَلمَةٍ يُخْرِجُهَا مِنْ لِسَانِهِ، وَقَدْ يَقُولُهَا - وَهُوَ جَاهِلٌ - فَلا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ يَقُولُهَا وَهُوَ يَظُنُّ أنَّهَا تُقَرِّبهُ إِلىَ اللَّهِ - كَمَا ظَنَّ الْكُفَّارُ -، خُصُوصاً إِنْ ألْهَمهُ اللَّهُ مَا قَصَّ عَنْ قَوْمِ مُوسَى - عليه السلام - مَع صَلاحِهِمْ وَعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ أتَوْهُ قَائِلِينَ {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [3] ، فَحِينَئِذٍ يَعْظُمُ خَوْفُهُ، وَحِرْصُهُ عَلَى مَا يُخَلِّصُهُ مِنْ هَذَا وَأمْثَالِهِ)
أراد المصنف أن يُبَيِّنَ أثر التوحيد على الْمُوَحِّد نفسه، وأن أصحابه قلة قليلة، يقول ابن القيم - رحمه الله: (أهل التوحيد هم خلاصة الوجود وهم صفوة الله في الأرض) .
(1) سورة النساء الآية] 48[.
(2) سورة يونس الآية]58[
(3) سورة الأعراف الآية]138 [.