كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ [1] .
ذكر المصنف - يرحمه اللّه - دليل ما قرره آنفاً من أن أهل زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - إِبَّانَ بعثته كانوا مقرين بأن اللّه هو الخالق الرازق وما إِلى ذلك، وذكر دليلين صريحين في ذلك:
الدليل الأول:
هو قوله - سبحانه وتعالى - في سورة يونس {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقولونَ اللهُ فَقُلْ أفَلا تَتَّقُونَ} كل هذه نعوت كمال لله - سبحانه وتعالى - وهى من جنس توحيد الربوبية وتوحيد المعرفة والإثبات، فكانوا مقرين بذلك بدليل قوله - جل وعلا - {فَسَيَقُولُونَ الله} أي: أن اللّه هو الرازق سواء أكان زرقاً يَتَعَلَّق بمن في السماء أم كان رزقاً يَتَعَلَّق بمن في الأرض، وكذلك هو الذي يملك السمع والأبصار والعقول وَالأَفْئِدَة، وكذلك هو الذي يخرج الْحَيّ بعد موته ويخرج الميت كذلك فيحييه - سبحانه وتعالى - أَوْ أنه يخرج الميت من اَلْحَيّ، ثم هذه الأوصاف أثبتها المشركون لأن اللّه - عز وجل - حكى عنهم أَنَّهُمْ مثبتوها كما في قوله {فَسَيَقُولُونَ الله} أَيْ: قالوه، فهم مؤمنون به - سبحانه وتعالى -، فكلمة (فَسَيَقُولُونَ) حكاية عما هم عليه؛ لو سألتهم لَحَكَوا لك حالهم كما حكيناه لك يا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الآي.
(1) سورة الرعد] 14 [.