فهرس الكتاب
الصفحة 45 من 239

أما العلة الأولى:

فهِيَ اعتقادهم أن الوسيط يقربهم إِلى اللّه زلفى ولذلك وَضَعُوهُ.

وأما الثانية:

فهِيَ أنهم يطلبون شفاعة هؤلاء الوسطاء، ليشفعوا لهم عند اللّه - سبحانه وتعالى -.

ولا شك أن العلة الأولى منفية عقلاً وشرعاً، ذلك أن اللّه - عز وجل - قريب سميع بصير أقرب إِلى العبد من عنق راحلته إِلَيْهِ - كما جاء في الحديث الصحيح [1] ، وما دام الأمر كذلك فكيف يُتَّخَذُ من الخلق ما يكون مقرباً إِلى الحق، وأما الشرع فقد نفى ذلك وأمر الخلق أن يدعوا الله - عز وجل - وأن يتقربوا إِلَيْهِ فليس بينهم وبين اللّه - عز وجل - حجاب يحجبهم عنه من حَيْثُ قضاء حوائجهم ومد العون إِلَيْهِمْ وسمعهم وبصرهم وما إِلى ذلك.

وأما العلة الأخرى فهِيَ باطلة، لأن الشفاعة لا تقبل من قِبَلِ مسلمٍ لمشرك، وما دام أن أولئك قد أشركوا في العبادة وبارزوا اللّه

(1) نص الحديث في البخاري ( ... عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْه قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ) ، أما الذي ذُكر فيه (عنق راحلته) فهو في مسند الإمام أحمد ( ... عَن أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ فَجَعَلْنَا لا نَصْعَدُ شَرَفًا وَلا نَعْلُو شَرَفًا وَلا نَهْبِطُ فِي وَادٍ إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ قَالَ فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ مَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام