فهرس الكتاب
الصفحة 177 من 239

قال المصنف - يرحمه الله تعالى: (وَيُقَالُ: إِذَا كُنْتَ تُقِرُّ أنَّ مَنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَيءٍ، وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاَةِ فَهُوَ كَافِرٌ حَلاَلُ الدَّمِ وَالْمَالِ بِالإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أقَرَّ بِكُلِّ شَيءٍ إِلاَّ الْبَعْثَ وَكَذَلِكَ لَوْ جَحَدَ وَجُوبَ صَوْم رََمَضَانَ، وَكَذَبَ بِذَلِكَ لاَ يُجْحَدُ هَذَا، وَلاَ تَخْتَلِفُ الْمَذَاهِبُ فِيهِ، وَقَدْ نَطَقَ بِهِ الْقُرْآَنُ - كَمَا قَدَّمْنَا -. فَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ أعْظَمُ فَرِيضَةٍ جَاءَ بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ أَعْظَمُ مِن الصَلاَةِ، والزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ. فَكَيْفَ إِذَا جَحَدَ الإنْسَانُ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ كَفَرَ - وَلَوْ عَمِلَ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - وَإِذَا جَحَدَ التَّوْحِيدَ الَّذِي هُوَ دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ لاَ يكْفُرُ؟! سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَ هَذَا الْجَهْل!)

هذا هو الجواب الثاني عن الشُّبْهَة السابقة التي ذكر المصنف - يرحمه الله - جواباً أوَّلِياً عنها.

وحقيقة هذا الجواب هو أن أولئك الذين يوردون الشُّبْهَة نفسها يجزمون بكفر المسلم إن جحد شيئاً من واجبات الدين، كجحد الصلاة وغيرها من أركان الإسلام الظاهرة المتواترة المعلومة من الدين بالضرورة، فإنهم يستحلون دم المسلم وماله إن فعل ذلك، وهذا أمر آحادي يَتَعَلَّق بالإسلام بعد ثبوته لمن وقع منه ذلك الشيء، فهو رد عليهم فيما ذكروه من شُبْهَة، فلا يلزم أن يكون الشخص قد أنكر البعث، وأنكر غيره من أمور الدين بل يكون مشركاً كافراً إِذَا وقع منه الجحد لأمر ضروري من الدين، أَوْ ظاهر متواتر كجحد الصلاة فقط أَوْ نحوها - وهذا مجمع عليه - وقد حكى الإجماع عليه غير واحد، ومنهم اسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام