وإن كان بين البلدين وبين القريتين وبين المنزلين فراسخ
والبصير من بني آدم لا يدرك ببصره شخص آخر من بني آدم وبينهما فرسخان فأكثر وكذلك لا يرى أحد من الآدميين ما تحت الأرض إذا كان فوق المرئي من الأرض والتراب قدر أنملة أو أقل منها بقدر ما يغطى ويوارى الشيء وكذلك لا يدرك بصره إذا كان بينهما حجاب من حائط أو ثوب صفيق أو غيرهما مما يستر الشيء عن عين الناظر فكيف يكون يا ذوى الحجا مشبها من يصف عين الله بما ذكرنا وأعين بني آدم بما وصفنا
ونزيد شرحا وبيانا نقول عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي عنها الهلاك والفناء وعيون بني آدم محدثة مخلوقة كانت عدما غير مكونه فكونها الله وخلقها بكلامه الذى هو صفة من صفات ذاته وقد قضى الله وقدر أن عيون بني آدم تصير إلى بلاء عن قليل والله نسأل خير ذلك المصير وقد يعمي الله عيون كثير من الآدميين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم ولعل كثيرا من أبصار الآدميين قد سلط خالقنا عليها ديدان الأرض حتى تأكلها وتفنيها بعد زوال المنية بهم ثم ينشئها الله بعد فيصيبها ما قد ذكرنا قبل في ذكر الوجه فما الذي يشبه يا ذوى الحجا عين الله التي هي موصوفة بما ذكرنا عيون بني آدم التي وصفناها بعد