عند السامعين إذا سمعوا الصادق البار عندهم يتكلم بهاتين اللفظتين أنهما ليستا بمتناقضتين ولا متهاترتين وأنهم يحملون اللفظتين جميعا على الصدق ويؤلفون بينهما أنه إنما أراد بالدار التي ذكر أنه لا يدخلها غير الدار التي ذكر أنه يدخلها وجب على كل مسلم يقر بنبوة النبي ويستيقن أنه أبر الخلق وأصدقهم وأبعدهم من الكذب والتكلم بالتكاذب والتناقض أن يعلم ويستيقن أن النبي يقول ( لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ) يريد لا يدخل شيئا من المواضع التي يقع عليها اسم النار ثم يقول يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان لأن اللفظتين اللتين رويتا عنه إذا حملتا على هذا كانت إحداهما دافعة للأخرى فإذا تؤولتا على ما ذكرنا كانتا متفقتي المعنى وكانتا من ألفاظ العام التي يراد بها الخاص فافهموا هذا الفصل لا تخدعوا فتضلوا عن سواء السبيل
ونقول أيضا معلوم متيقن عند العرب أن المرء قد يقول لا أدخل موضع كذا وكذا ولا يدخل فلان موضع كذا وكذا يريد مدة من المدد ووقتا من الأوقات
قد يجوز أن يقول من فعل كذا وكذا لم يدخل الجنة يريد لم يدخل الجنة في الوقت الذي يدخلها من لم يرتكب هذه الحوبة لأنه يحبس عن دخول الجنة إما للمحاسبة على الذنب أو لإدخال النار ليعذب بقدر ذلك الذنب إن كان ذلك الذنب مما يستوجب به المرتكب النار إن لم يعف الله ويصفح ويتكرم فيغفر ذلك الذنب