ولست أحسب لو قيل لبصير لا آفة ببصره ولا علة بعينه ولا نقص بل هو أعين أكحل أسود الحدق شديد البياض العينين أهدب الأشفار عينك كعين فلان الذى هو صغير العين أزرق أحمر بياض العينين قد تناثرت أشفاره وسقطت أو كان أخفش العين أزرق أحمر بياض شحمها يرى الموصوف الأول الشخص من بعيد ولا يرى الثاني مثل ذلك الشخص من قدر عشر ما يرى الأول لعلة في بصره أو نقص في عينه إلا غضب من هذا وأنف منه فلعله يخرج إلى القائل له ذلك إلى المكروه من الشتم والأذى
ولست أحسب عاقلا يسمع هذا المشبه عيني أحدهما بعيني الآخر إلا وهو يكذب هذا المشبه عين أحدهما بعين الآخر ويرميه بالعته والخبل والجنون ويقول له لو كنت عاقلا يجرى عليك القلم لم تشبه عيني أحدهما بعيني الآخر
وإن كانا جميعا يسميان بصيرين إذ ليسا بأعميين ويقال لكل واحد منهما عينان يبصر بهما فكيف لو قيل له عينك كعين الخنزير والقرد والدب والكلب أو غيرها من السباع أو هوام الأرض والبهائم فتدبروا يا ذوى الألباب أبين عيني خالقنا أكثر الأزلي الدائم الباقي الذى لم يزل ولا يزال وبين عيني الإنسان من الفرقان أكثر أو مما بين أعين بني آدم وبين عيون ما ذكرنا