ومن الأسماء الحسنى التي تبعث على قوة الرجاء والأنس بالله - عز وجل: [الرحمن، الرحيم، البر، المحسن، اللطيف، الودود، الغفور، الغفار، الرؤوف، العفو، التواب، الفتاح، الواسع، الرفيق، القريب، المجيب، العليم الحكيم، السلام] .
والرجاء لا يتصور من مفرط مسرف مقيم على مساخط الله تعالى، آخذ بأسباب الهلاك، بل إنه لا يكون إلا مع انعقاد أسباب النجاة ... وهذا ما يقرره ابن القيم - رحمه الله تعالى - حيث يقول:"حسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن فإن قيل: بل يتأتَّى ذلك؛ ويكون مستند حسن الظنِّ: سعة مغفرة الله ورحمته وعفوه وجوده؛ وأن رحمته سبقت غضبه؛ وأنه لا تنفعه العقوبة ولا يضرُّه العفو."
قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك، وأجلُّ وأكرم؛ وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محلِّه اللائق به، فإنه سبحانه موصوفٌ بالحكمة والعِزَّة والانتقام وشِدَّة البطش؛ وعقوبة من يستحقُّ العقوبة، فلو كان مُعَوَّل حسن الظنِّ على مجرَّد صفاته وأسمائه: لاشترك في ذلك البرُّ والفاجر؛ والمؤمن والكافر؛ ووليُّه وعدوُّه.
فما ينفع المجرمَ أسماؤُه وصفاتُه وقد باء بسخطه وغضبه؛ وتَعَرَّض لِلَعْنَتِه؛ وأوقع في محارمه؛ وانتهك حرماته؟ بل حسن الظنِّ ينفع من تاب وندم وأقلع، وبَدّل السيئة بالحسنة، واستقبل بقيَّة عُمُره بالخير والطاعة، ثم أحسن الظنَّ، فهذا حُسْنُ ظنِّ، والأول غرورٌ، والله المستعان.