فهرس الكتاب
الصفحة 123 من 683

ومن أعظم ما يتوكل على الله - عز وجل - فيه طلب الهداية والثبات على الإيمان، وعدم الزيغ عنه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل بحاله وفقره واستسلامه لربه - عز وجل - ويتوسل بعزته سبحانه وباسمه (الحي) الذي لا يموت في حفظ إيمانه، والاستعاذة بهذا الاسم العظيم من الضلال والغواية. وذلك كما ورد في دعائه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللَّهم لكَ أسلمتُ وبك آمنتُ، وعليك توكلتُ، وإليك أنبت، وبك خَاصمت، اللَّهم إني أعوذُ بعزتك لا إله إلا أنت أن تُضِلِّني أنتَ الحيُّ الذي لا يموتُ، والجن والإنس يموتون) (1) 1).

ثالثًا: الزهد في هذه الحياة الدنيا الفانية وعدم الاغترار بها:

لأنه مهما أعطي العبد من العمر فلا بد من الموت، أما الحياة الدائمة التي يهبها (الحي القيوم) لعباده المؤمنين فهي في الدار الآخرة في جنات النعيم، وهذا الشعور يدفع المسلم إلى الاستعداد للآخرة والسعي لنيل مرضات الله - عز وجل - في الحياة السرمدية في جنات النعيم والله - جل شأنه - هو الذي يهب أهل الجنة الحياة الدائمة الباقية التي لا تفنى ولا تبيد، قال سبحانه: {وَإِن الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) } [العنكبوت: 64] ، فحياة أهل الجنة دائمة بإدامة الله (الحي القيوم) لها.

رابعًا: اسمه سبحانه (الحي) يقتضي صفات كماله - عز وجل - كلها:

فمن أنكر صفة كمال لله تعالى وعطلها، لم يؤمن بأنه (الحي) ؛ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"... وكذلك إذا اعتبرت اسمه (الحي) وجدته مقتضيًا لصفات كماله من علمه، وسمعه، وبصره، وقدرته، وإرادته، ورحمته، وفعله ما يشاء" (2) 1).

والإيمان بصفات كماله سبحانه يقتضي آثار صفات كماله كلها، فتحصل من ذلك أن التعبد لله - عز وجل - باسمه (الحي) يوجب التعبد لله سبحانه بجميع صفاته وأسمائه الحسنى كلها وأن آثارها إنما هي آثار لاسمه سبحانه (الحي) .

(1) مسلم (2717) .

(2) التبيان: ص 102.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام