أولاً: محبته سبحانه المحبة الحقيقية التي تثمر توحيده سبحانه وإخلاص العبادة له لا شريك له؛ لأنه سبحانه الخالق الرازق المتصرف في شؤون خلقه المحيي المميت لهم، المتكفل بحفظ حياتهم وأرزاقهم فكيف يعرض الكثير من عبيده عن عبادته إلى عبادة غيره من المخاليق الضعاف الذين لا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولا يملكون رزقًا ولا حفظًا لأنفسهم فضلاً عن أن يملكوه لغيرهم؟
ثانيًا: الاعتماد على الله وحده والتوكل عليه سبحانه في طلب الرزق وجلب النفع ودفع الضر؛ لأنه سبحانه الذي يملك ذلك كله لا شريك له، وهذا لا يمنع الأخذ بالأسباب المتاحة مع عدم التعلق بها، لأن خالق الأسباب ومسبباتها هو الله سبحانه، وهذا التعلق بالله وحده يسكب الطمأنينة والرضى في القلب، فلا تتعاوره المخاوف والهواجس ولا يعتريه القلق والهلع على الرزق والأجل.
ثالثًا: التوجه إلى الله - عز وجل - وحده في طلب القوت والرزق وبخاصة قوت القلوب من الإيمان، والهدى، والإخلاص، والإخبات، وغيرها من أعمال القلوب، وهذا هو القوت الحقيقي الذي إذا حصل للعبد فلا يضره ما فاته من قوت الأبدان، وهذا هو القوت الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قيل له: إنك تواصل الصوم فقال: (إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقين) (1) ، وما أحسن قول الشاعر:
فقوت الروح أرواح المعاني وليس بأن طعمت وأن شربتا
لم يرد هذان الاسمان في القرآن الكريم، وإنما وردا بصيغة الفعل كما في قوله سبحانه {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) } [البقرة: 245] .
(1) البخاري (1964) ، ومسلم (1103) .