فهرس الكتاب
الصفحة 499 من 683

الحسنة عنده بعشر أمثالها أو يضاعفها بلا عددٍ ولا حسبان، والسيئة عنده بواحدة ومصيرها إلى العفو والغفران، وباب التوبة مفتوحٌ لديه منذ خلق السماوات والأرض إلى آخر الزمان: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

بابه الكريم مناخ الآمال ومحطُّ الأوزار، وسماء عطاه لا تقلع عن الغيث، بل هي مدرار، ويمينه ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

لا يُلقَّى وصاياه إلا الصابرون، ولا يفوز بعطاياه إلا الشاكرون، ولا يهلك عليه إلا الهالكون، ولا يشقى بعذابه إلا المتمردون: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

فإياك أيها المُتمرِّد أن يأخذك على غرةٍ فإنه غيور، وإذا أقمت على معصيته وهو يُمدُّك بنعمته فاحذره فإنه لم يُهملك لكنه صبور، وبُشراك أيها التائب بمغفرته ورحمته: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

من علم أن الربَّ شكورٌ تنوع في معاملته، ومن عرف أنه واسع المغفرة تعلَّق بأذيال مغفرته، ومن علم أن رحمته سبقت غضبه لم ييأس من رحمته: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

من تعلَّق بصفة من صفاته: أخذته بيده حتى تُدخله عليه، ومن سار إليه بأسمائه الحسنى وصل إليه، ومن أحبَّه أحبَّ أسماءه وصفاته، وكانت آثر شيءٍ لديه، حياة القلوب في معرفته ومحبته، وكمال الجوارح في التقرب إليه بطاعته، والقيام بخدمته والألسنة بذكره والثناء عليه بأوصاف مدحته، فأهل شكره أهل زيادته؛ وأهل ذكره أهل مجالسته؛ وأهل طاعته أهل كرامته؛ وأهل معصيته لا يُقنِّطهم من رحمته، إن تابوا فهو حبيبهم؛ وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم، يبتليهم بأنواع المصائب: ليكفر عنهم الخطايا؛ ويُطهِّرهم من المعائب: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} " (1) ."

(1) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ص 419 - 431.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام