-ومن آثار هذه الأسماء الجليلة: أنها علاج للوسوسة الشيطانية في كنه الذات الإلهية فعن أبي زميل قال:"سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قال: قلت: والله لا أتكلم به. قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قلت: بلى. فقال لي: ما نجا من ذلك أحد، حتى أنزلَ الله - عز وجل: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94] ، قال: فقال لي: فإذا وجدتَ في نفسك شيئًا، فَقُلْ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) } [الحديد: 3] " (1) 2).
ويعلق الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - على هذا الأثر فيقول:"فأرشدهم بهذه الآية إلى بطلانِ التسلسل الباطل ببديهة العقل، وأن سلسلةَ المخلوقات في ابتدائها تنتهي إلى أول ليس قَبلَه شيء، كما تنتهي في آخرها إلى آخر ليس بعَده شيء، كما أن ظهورَه هو العلُّو الذي ليس فوقَه شيء، وبُطونَه هو الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شيء، ولو كان قبله شيء يكون مؤثرًا فيه، لكان ذلك هو (الربَّ) الخلاق، ولابدَّ أن ينتهيَ الأمر إلى خالقٍ غير مخلوقٍ، وغني عن غيره، وكلُّ شيء فقير إليه. قائم بنفسه، وكل شيء قائم به. موجود بذاته، وكل شيء موجود به. قديمٌ لا أول له، وكُلُّ ما سواه فوجودهُ بعد عدمه. باقٍ بذاته، وبقاءُ كل شيء به، فهو (الأوَّلُ) الذي ليس قبله شيء، و (الآخر) الذي ليس بعده شيء، (الظاهر) الذي ليس فوقَه شيء، (الباطِن) الذي ليس دونه شيء" (2) 1).
ورد ذكر (الوارث) في القرآن ثلاث مرات كلها بصيغة الجمع وهي:
في قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) } [الحجر: 23] .
(1) أبو داود (5110) ، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (4262) .
(2) زاد المعاد 2/ 461، 462.