رابعًا: حياء المرء من نفسه: وهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة من رضاها لنفسها بالنقص، وقناعتها بالدون، فيجد نفسه مستحيًا من نفسه حتى كأن له نفسين، يستحي بإحداهما من الأخرى، وهذا من أكمل ما يكون من الحياء، فإن العبد إذا استحيى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر (1) .
لم يرد ذكر اسمه سبحانه (الطيب) في القرآن الكريم، وإنما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيها الناس إن الله طيب ولا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(51) } [المؤمنون: 51] ، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) (2) .
المعنى اللغوي:
"ومعنى الطيب: الطاهر والنظيف والحسن والعفيف والسهل واللين، والطيب: خلاف الخبيث .. ويقال: أرض طيبة للتي تصلح للنبات. وريح طيبة: إذا كانت لينة ليست بشديدة، وطعمة طيبة إذا كانت حلالاً، وامرأة طيبة: إذا كانت حصانًا عفيفة، وكلمة طيبة: إذا لم يكن فيها مكروه، وبلدة طيبة: أي آمنة كثيرة الخير."
وقد يرد الطيب بمعنى: الطاهر" (3) ."
المعنى في حق الله تعالى:
قال النووي - رحمه الله تعالى - في شرح الحديث:"قال القاضي عياض: الطيب في صفة الله تعالى بمعنى المنزه عن النقائص وهو بمعنى القدوس، وأصل الطيب: الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث" (4) .
(1) انظر مدارج السالكين 2/ 261.
(2) رواه مسلم في الزكاة (1015) .
(3) انظر لسان العرب 4/ 2731، والصحاح 1/ 173.
(4) شرح مسلم للنووي 7/ 100.