ولعل السر في هذا الاقتران - والله أعلم - أن وصف الله - عز وجل - لنفسه بأنه (الملك) وأن من صفات هذا الملك أنه قدوس إشارة إلى أنه سبحانه مع كونه ملكًا مدبرًا متصرفًا في كل شيء، فهو قدوس منزه عما يعتري الملوك من النقائص التي أشهرها الاستبداد، والظلم، والاسترسال مع الهوى، والشهوات، والمحاباة (1) 2).
جاء ذكر اسمه سبحانه (السبوح) في أذكار الركوع والسجود، فعن عائشة -رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) (2) 1).
معنى السبوح:
قال في اللسان:"قال أبو إسحاق الزجاج: (السبوح) : الذي ينزه عن كل سوء" (3) 2)"وقال النووي:"قال ابن فارس والزبيدي وغيرهما: (سبوح) هو الله - عز وجل - فالمراد بالسبوح القدوس: المسبَّح المقدَّس، فكأنه قال: مُسبَّح مقدس رب الملائكة والروح، ومعنى سبوح: المبرأ من النقائص والشريك، وكل ما لا يليق بالإلهية" (4) 3)."
والسبوح: هو الذي يسبحه، ويقدسه، وينزهه كل من في السماوات والأرض، كما قال تبارك تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 1] ، ويقول سبحانه: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) } [الإسراء: 44] (5) 4).
قال في تهذيب اللغة:" (سبحان) في اللغة: تنزيه الله - عز وجل - عن السوء."
(1) انظر التحرير والتنوير 28/ 120.
(2) مسلم (487) .
(3) لسان العرب 3/ 1915.
(4) مسلم شرح النووي 4/ 204.
(5) بدائع الفوائد 2/ 366.