وهذا الشعور يثمر البعد عن كل ما يسخط الله - عز وجل - من الأعمال الباطنة والظاهرة، ولو ضعف العبد ووقع فيما يسخط الله تعالى وجب عليه المسارعة في التوبة والإنابة إلى ربه عز وجل.
ثانيًا: ولما كان من معاني (المهيمن) القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم فإن الإيمان بهذا يثمر محبة الله - عز وجل - والتقرب إليه بالطاعات والقربات تعبدًا له - عز وجل - وحبًا والتماسًا لمرضاته، وشكرًا له على نعمائه وأفضاله وإحسانه، كما يثمر التوكل عليه وحده وتفويض الأمور إليه.
ثالثًا: ولما كان من صفات القرآن الكريم الذي هو كلام الله - عز وجل - أنه (مهيمن) على ما سبق من الكتب السماوية التي قبله لقوله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} فإن الإيمان بهذا يثمر تعظيم كتاب الله - عز وجل - ومحبته والفرح به أعظم الفرح. وحمد الله عز وجل وشكره على الهداية إليه، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58،57] ، وهذا يقتضي الحكم به والتحاكم إليه والعمل به ورفض ما سواه.
ورد اسمه سبحانه (الحافظ) في القرآن الكريم (مرة واحدة) بصيغة المفرد كما في قوله تعالى: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) } [يوسف: 64] ، وورد (مرتين) بصيغة الجمع كما في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) } [الحجر: 9] ، وقوله تعالى: {وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) } [الأنبياء: 82] .