فهرس الكتاب
الصفحة 498 من 683

وثَقَتْ بعفوه هفوات المذنبين فوَسِعَتْها، وعَكَفَتْ بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها، وخَرَقَتْ السبعَ الطباق دعواتُ التائبين والسائلين فسمعها، ووسع الخلائق عفوُه ومغفرتُه ورزقُه فما: {مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} [هود:6] ، {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

يجود على عبيده بالنوال قبل السؤال، ويعطي سائله ومؤمِّله فوق ما تعلَّقت به منهم الآمال، ويغفر لمن تاب إليه ولو بلغت ذنوبه عدد الأمواج والحصى والتراب والرمال: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وأفرح بتوبة التائب من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة إذا وجدها، وأشكر للقليل من جميع خلقه، فمن تقرَّب إليه بمثقال ذرةٍ من الخير شكرها وحمدها: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

تعرَّف إلى عباده بأسمائه وأوصافه، وتحبَّب إليهم بحلمه وآلائه، ولم تمنعه معاصيهم بأن جاد عليهم بآلائه، ووعد من تاب إليه وأحسن طاعته بمغفرة ذنوبه يوم لقائه: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

السعادة كلُّها في طاعته، والأرباح كلُّها في معاملته، والمحن والبلايا كلُّها في معصيته ومخالفته، فليس للعبد أنفع من شكره وتوبته: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

أفاض على خلقه النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

يُطاع فيشكر؛ وطاعته من توفيقه وفضله، ويُعصى فيحلم؛ ومعصية العبد من ظلمه وجهله، ويتوب إليه فاعل القبيح فيغفر له حتى كأنه لم يكن قطُّ من أهله: {إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام