فهرس الكتاب
الصفحة 591 من 683

الثانية: الجود بالرياسة، وهو ثاني مراتب الجود، فيحمل الجواد جودُه على امتهان رياسته، والجود بها، والإيثار في قضاء حاجات الملتمس.

الثالثة: الجود براحته ورفاهيته، وإجمام نفسه، فيجود بها تعبًا وكَدّاً في مصلحة غيره. ومن هذا جود الإنسان بنومه ولذته لمسامِرِه، كما قيل:

مُتَيَّمٌ بالنَّدَى، لو قال سائله: هب لي جميع كَرى عينيك، لم يَنَمِ

الرابعة: الجود بالعلم وبذله؛ وهو من أعلى مراتب الجود؛ والجود به أفضل من الجود بالمال؛ لأن العلم أشرف من المال.

والناس في الجود به على مراتب متفاوتة، وقد اقتضت حكمة الله وتقديره النافذ أن لا ينفع به بخيلاً أبدًا. ومن الجود به أن تبذله لمن يسألك عنه، بل تطرحه عليه طرحًا.

ومن الجود بالعلم أن السائل إذا سألك عن مسألة استقصيت له جوابها جوابًا شافيًا، لا يكون جوابك له بقدر ما تدفع به الضرورة، كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا"نعم"أو"لا"مقتصرًا عليها ...

الخامسة: الجود بالنفع بالجاه؛ كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه؛ وذلك زكاة الجاه المطالَبُ بها العبد، كما أن التعليم وبَذْلَ العلم زكاته.

السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (يُصْبح على كل سُلامَى من أحدكم صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين اثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته، فيحمله عليها، أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خُطوة يمشيها الرجل إلى الصلاة صدقة، ويُميط الأذى عن الطريق صدقة) (1) .

السابعة: الجود بالعرض، كجود أبي ضَمْضَم من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كان إذا أصبح قال:"اللَّهم إنه لا مال لي أتصدق به على الناس، وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني، أو قذفني فهو في حل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم؟) " (2) .

(1) مسلم (720) ، وأبو داود (1285) .

(2) أبو داود (4887) ، وضعفه الألباني في الأرواء (2366) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام