وقال أيضًا:"والجواد الذي عم بجوده أهل السماء، والأرض فما بالعباد من نعمة فمنه وهو الذي إذا مسهم الضر فإليه يرجعون، وبه يتضرعون، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين، ولكن يتفاوت العباد في إفاضة الجود عليهم بحسب ما منّ الله به عليهم من الأسباب المقتضية لجوده، وكرمه، وأعظمها تكميل عبودية الله الظاهرة، والباطنة العلمية، والعملية القولية، والفعلية، والمالية، وتحقيقها باتباع محمد صلى الله عليه وسلم بالحركات والسكنات" (1) .
من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الجواد) :
أولاً: ما ذكر من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الكريم، الأكرم، المنان، الوهاب) يصلح أن يذكر هنا فليرجع إليها. ويحسن أن يضاف هنا قول ابن القيم رحمه الله تعالى:"فهو سبحانه يُحِبُّ من عباده أن يُؤَمِّلُوه ويرجوه ويسألوه من فضله؛ لأنه الملك الحقُّ (الجواد) ، أجود من سُئِلَ؛ وأوسع من أعطى، وأحبُّ ما إلى (الجواد) : أن يُرجى ويُؤَمَّل ويُسأل، وفي الحديث: (من لم يسأل الله يغضب عليه) (2) ."
والسائلُ راجٍ وطالبٌ، فمن لم يرج الله: يغضب عليه، فهذه فائدةٌ أخرى من فوائد الرجاء؛ وهي: التخلُّص به من غضب الله" (3) ."
ثانيًا: ومن الآثار التي يؤكد عليها هنا: التَخلق بصفة (الجود) والسعي لإيصال الخير للناس، والإنفاق بسخاء في وجوه الخير التي يحبها الله - عز وجل - فالله - عز وجل - جواد يحب الأجواد من عباده، وقد ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - عشر مراتب للجود أسوقها على وجه الاختصار، قال رحمه الله تعالى:"و"الجود"عشر مراتب:"
أحدها: الجود بالنفس، وهو أعلى مراتبه، كما قال الشاعر:
يجود بالنفس، إذ ضَنَّ البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
(1) توضيح الكافية الشافية ص 124.
(2) الترمذي (3770) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2686) .
(3) مدارج السالكين 2/ 50.