فهرس الكتاب
الصفحة 589 من 683

فإذا تعرض عبده ومحبوبه الذي خلقه لنفسه، وأعد له أنواع كرامته، وفضله على غيره، وجعله محل معرفته، وأنزل إليه كتابه، وأرسل إليه رسوله، واعتنى بأمره ولم يهمله، ولم يتركه سدى؛ فتعرض لغضبه، وارتكب مساخطه وما يكرهه وأبَق منه، ووالى عدوه وظاهَره عليه، وتحيز إليه، وقطع طريق نعمه وإحسانه إليه التي هي أحب شيء إليه، وفتح طريق العقوبة والغضب والانتقام، فقد استدعى من الجواد الكريم خلاف ما هو موصوف به من الجود، والإحسان، والبر، وتعرض لإغضابه وإسخاطه وانتقامه، وأن يصير غضبه وسخطه في موضع رضاه، وانتقامه وعقوبته في موضع كرمه وبره وعطائه. فاستدعى بمعصيته من أفعاله ما سواه أحب إليه منه، وخلاف ما هو من لوازم ذاته من الجود والإحسان" (1) ."

وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"الجواد: يعني أنه تعالى الجواد المطلق الذي عم بجوده جميع الكائنات، وملأها من فضله، وكرمه، ونعمه المتنوعة، وخص بجوده السائلين بلسان المقال أو لسان الحال من بر، وفاجر، ومسلم، وكافر، فمن سأل الله أعطاه سؤاله، وأناله ما طلب، فإنه البر الرحيم: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) } [النحل: 53] ."

ومن جوده الواسع ما أعده لأوليائه في دار النعيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" (2) ."

(1) مدارج السالكين 1/ 212، 213.

(2) الحق الواضح المبين ص 66، 67.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام