وكذلك إن كان اسم فاعل بمعنى الوادِّ - وهو المحبُّ: أثمرت له مطالعة ذلك حالاً تناسبه، فإنه إذا شاهد بقلبه غنيّاً كريمًا جوادًا عزيزًا قادرًا؛ كلُّ أحدٍ محتاجٌ إليه بالذات؛ وهو غنيُّ بالذات عن كلِّ ما سواه؛ وهو مع ذلك يودُّ عباده ويُحبُّهم ويتودَّد إليهم بإحسانه إليهم وتفضله عليهم: كان له من هذا الشهود حالة صافية خالصة من الشوائب، وكذلك سائر الأسماء والصفات، فصفاء الحال بحسب صفاء المعرفة بها؛ وخلوصها من دم التعطيل وفرث التمثيل، فتخرج المعرفة من بين ذلك فطرة خالصة سائغة للعارفين؛ كما يخرج اللبن: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا $Zَح! $ y™ لِلشَّارِبِينَ (66) } [النحل: 66] " (1) ."
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"فتبارك الذي جعل وأودع المحبة في قلوب المؤمنين ثم لم يزل ينميها ويقويها حتى وصلت في قلوب الأصفياء إلى حالة تتضاءل عندها جميع المحاب، وتسليهم عن الأحباب وتهون عليهم المصائب، وتلذذ لهم مشقة الطاعة، وتثمر لهم ما يشاءون من أصناف الكرامات التي أعلاها محبة الله والفوز برضاه والأنس بقربه" (2) .
(1) مدارج السالكين 3/ 150.
(2) الحق الواضح ص 69 - 70.