ويقول في موطن آخر:"الفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد المعطلين: أن توحيد الرسل: إثبات صفات الكمال لله على وجه التفصيل؛ وعبادته وحده لا شريك له، فلا يُجعل له ندًا في قصد ولا حبٍّ ولا خوفٍ ولارجاءٍ ولا لفظٍ ولا حلفٍ ولا نذرٍ، بل يرفع العبدُ الأندادَ له من قلبه وقصده ولسانه وعبادته؛ كما أنها معدومةٌ في نفس الأمر لا وجود لها البتة، فلا يجعل لها وجودًا في لبه ولسانه."
وأما توحيد المعطلين: فنفي حقائق أسمائه وصفاته وتعطيلها، ومن أمكنه منهم تعطيلها من لسانه: عطَّلها؛ فلا يذكرها ولا يذكر آية تتضمنها ولا حديثًا يُصرِّح بشيءٍ منها، ومن لم يُمكنه تعطيل ذكرها سطا عليها بالتحريف ونفى حقيقتها، وجعلها اسمًا فارغًا لا معنى له أو معناه من جنس الألغاز والأحاجي" (1) . أهـ."
ويقول أيضًا:"ندين بإثبات الصفات وحقائق الأسماء؛ وإن سُمِّي تجسيمًا، وندين بإثبات عُلُوِّ الله على عرشه فوق سماواته؛ وإن سُمِّي تحيزًا أو جهة، وندين بإثبات وجهه الأعلى ويديه المبسوطتين؛ وإن سُمِّي تركيبًا، وندين بحبِّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وإن سُمِّي نصبًا، وندين بأنه مُكلِمٌ مُتكلِّمٌ حقيقة كلامًا يسمعه من خاطبه وأنه يُرى بالأبصار عيانًا حقيقة يوم لقائه؛ وإن سُمِّي ذلك تشبيهًا" (2) .
-وعن الأساس الثالث من أسس منهج دراسة الأسماء والصفات وهو"قطع الطمع من إدراك الكيفية".
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"إن من أثبت له سبحانه السمع والبصر أثبتهما حقيقة وفهم معناهما، فهكذا سائر صفاته المقدسة يجب أن تُجرى هذا المجرى، وإن كان لا سبيل لنا إلى معرفة كنهها وكيفيتها، فإن الله سبحانه لم يكلف عباده بذلك، ولا أراده منهم، ولم يجعل لهم إليه سبيلاً" (3) .
ويقول في موطن آخر وهو يشرح كلام الهروي في منازل السائرين وذلك في قوله:"ولا يأس من إدراك كنهها وابتغاء تأويلها".
(1) الروح ص 576 - 577.
(2) مدارج السالكين 3/ 420.
(3) المصدر السابق 3/ 420.