فهرس الكتاب
الصفحة 42 من 683

وهل سُمِعَ بقومٍ أتمَّ عقولاً، وأصحَّ أذهانًا، وأكملَ علمًا، ومعرفة، وأزكى قلوبًا من هؤلاء؛ الذين قال الله فيهم: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59] .

قال غير واحد من السلف:"هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم".

قال فيهم عبد الله بن مسعود:"من كان منكم مستنًا فليستنَّ بمن قد مات، فإن الحيَّ لا تُؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمدٍ، أبرُّ هذه الأمة قلوبًا؛ وأعمقها علمًا؛ وأقلّها تكلُّفا، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقَّهم، وتمسَّكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم". فهؤلاء أمراء هذا الشأن.

ومنهم التابعون كلُّهم، ثم الذين يلونهم، مثل: مالك ابن أنس، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وعبد الله بن المبارك، وأبي زرعة الرازيين وأمثالهم.

وأما عامَّتهم: فأهل الدين، والصدق، والورع، والزهد، والعبادة والإخلاص؛ واجتناب المحارم، وتوقي المآثم.

وأما رؤوس النفاة والمعطلين: ففرعون، إذ يقول: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36. 37] وجنوده كلُّهم، ونمرود بن كنعان، هذا خصم إبراهيم الخليل؛ وذاك خصم موسى الكليم.

وأرسطاطاليس وبقراطيس، وأضرابهما.

فليعتبر العاقل خواصَّ هؤلاء وهؤلاء؛ وعوامَّ هؤلاء وهؤلاء، وليقابل بين الطائفتين، وحينئذ يتبين له: أنه ما كان ولا يكون ولي لله: إلا من أهل الإثبات، وما كان ولا يكون ولي للشيطان: إلا من أهل النفي والتعطيل" (1) ."

(1) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة 3/ 1117، 1121"باختصار".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام